fbpx

AA Banner Right Join SAE Network 450

الاقتصاد الرقمي أفق جديد لرواد الأعمال في العالم العربي Featured

 

أدى الانتشار الكثيف للمعلومات عبر شبكة الانترنت، وفي ظل تنوع المرجعيات العلمية، الى ايجاد فوضى معرفية حول العديد من المفاهيم العلمية المنتشرة عبر الشبكة، ولعل المفاهيم المرتبطة بالعلوم الاجتماعية كانت الأكثر عرضة للفوضى المعرفية التي تسبب سوء فهم وخلط مفاهيمي، فبخلاف العلوم التطبيقية فإن العلوم الاجتماعية تعتمد على الفهم الذاتي المستمد من الواقع المعاش وهو ما يختلف من بقعة جغرافية الى أخرى ناهيك عن المشكلات المتعلقة بالترجمة والمعاني المختلفة التي تحملها اللغات والنظم الاجتماعية المتنوعة، ولقد كان لمفهوم الاقتصاد الرقمي نصيبه من سوء الفهم هذا. نحاول في هذا المقال الوصل الى فهم أفضل لمفهوم الاقتصاد الرقمي وأهم مظاهره والفرص الاستثمارية التي قد يخلقها لرواد الأعمال في العالم العربي.

 

من اقتصاد المعرفة الى نموذج أعمال جديد

قبل حوالي العقد من الآن سيطر مفهوم اقتصاد المعرفة للإشارة للتحولات التي أحدثتها تكنولوجيا المعلومات وسرعة ومدى الاتصال عبر الانترنت الذي أحدث بدوره تحولاً في طبيعة القيمة والنشاط الاقتصادي المبني على المعرفة وليس على عملية الإنتاج الكثيف وعوامل الإنتاج الأخرى (الطبيعة, رأس المال) حيث أصبحت المعرفة المتمثلة بالعامل البشري المورد الأعلى ثمناً في إنتاج الثروة من خلال قدرتها على إبداع الابتكارات العلمية التي من الممكن أن تحقق أرباحاً مرتفعة دون الحاجة لتوفر رأس مال مالي ضخم فمن أهم خصائص اقتصاد المعرفة أن تكلفة إعادة إنتاج المنتج تكون منخفضة جداً (كإعادة نسخ البرمجيات الجديدة لبيعها مع الاحتفاظ بحق الملكية الفكرية لها) وبالرغم من عدم حداثة هذا المفهوم حيث بدء استخدامه منذ منتصف القرن العشرين إلا أن التطورات المتلاحقة في حجم ونوعية الاتصالات الشبكية والتكنولوجية جعلت من عملية استخدامه أكثر إلحاحاً، وعادةً ما تقدم شركة مايكروسوفت وابل وغيرها من الشركات البرمجية على أنها نماذج عن اقتصاد المعرفة أما الاقتصاد الرقمي فهو الاقتصاد الذي يعتمد على استخدام التكنولوجيا الرقمية التفاعلية والخدمات الالكترونية لتغيير الأعمال وتأسيس نماذج أعمال جديدة تعتمد على التكنولوجيا بشكل أساسي لتحفيز الإنتاجية في القطاعات المختلفة بما ينعكس على تطور الاقتصاد وبناء مجتمع جاذب للشركات والأعمال والأفراد والاستثمار والمعرفة، اذاً ما هو الاختلاف بين المفهومين السابقين؟ يظهر الاختلاف بالانتقال نحو نموذج العمل الجديد الذي يحدثه الاقتصاد الرقمي فالتحول الرقمي يمكن أن يحدث في أي منشأة مهما كانت طبيعة عملها وذلك من خلال الاستفادة من الفرص التي يُتيحها الاتصال السريع وتطبيقات الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات التفاعلية التي تجعل من عملية الإنتاج والإدارة والترويج مرقمنة وتفاعلية مع المستهلكين. باختصار هو تحول جذري في نموذج العمل إلى نموذج عمل جديد يواكب البيئة التكنولوجية الحديثة وبهذا المعنى يمكن لمحال الوجبات السريعة أن تكون جزءً من الاقتصاد الرقمي أي أن تعمد للتحول الرقمي من خلال التغيير الشامل في نموذج عملها، وهو ما يشكل الفرق الجوهري بين مفهوم الاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة ومصطلحات أخرى كاقتصاد الانترنت (القيمة الاقتصادية المستمدة من الاتصال على الانترنت كالتجارة الإلكترونية) فالتحول الرقمي يعد المظلة التي تشتمل على المفاهيم الأُخرى من قبيل اقتصاد المعرفة والتجارة الإلكترونية واقتصاد الانترنت كما يمكن اعتبار الثورة الصناعية الرابعة التي تشكل البيانات الكبيرة، وانترنت الأشياء، وتطبيقات الهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والحوسبة السحابية الشق المادي للاقتصاد الرقمي الذي يمكن أن يحدث في أي نوع من المشاريع باختلاف نوعية نشاطها سواء اكان خدمي أو سلعي.

 

   إن التحول الرقمي يجب أن يكون عملية شاملة واستراتيجية وليس مجرد تغيير تكتيكي في أحد نشاطاتها، وعلى الرغم من أن بعض المنظمات والأفراد يستخدمون التقنيات لمجرد تنفيذ المهام الحالية على الكمبيوتر، فإن الاقتصاد الرقمي أكثر تقدماً من ذلك. وهو لا يستخدم ببساطة جهاز كمبيوتر لإجراء المهام بصورة تقليدية كان يتم إجراؤها يدوياً أو على أجهزة تمثيلية كإحلال البرامج المحاسبية بدلاً من المحاسبة الورقية. فالتحول الرقمي في قطاع الخدمات لم يعد يعني التجارة الإلكترونية بمفهومها التقليدي بل تذهب الرقمنة الخدمية إلى ما هو أبعد من ذلك فهي تعني القدرة على التفاعل مع الزبون من خلال تحليل البيانات الخاصة به ومعرفة تفضيلاته وتقديم النصائح والارشادات له عبر تطبيقات الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات التفاعلية.

 

وهنا يُطرح التساؤل هل التحول إلى نموذج الأعمال الرقمي ضرورة؟ أي لماذا يجب على الشركات التي لم تتحول بعد إلى النموذج الرقمي أن تجري هذه العملية؟ يكمن الجواب بالتكلفة والمنافسة فمكننة الإجراءات الداخلية واستخدام التكنولوجيا الحديثة تخفض من تكاليف الشركة في المدى البعيد، فحسب موقع TechCrunch المختص بقضايا الاقتصاد الرقمي فإن شركة علي بابا، أكبر شركات التجارة الإلكترونية لا تملك أي مخازن، كما ان Uber، أكبر شركة سيارات أجرة في العالم، لا تملك أي مركبات. وAirbnb، أكبر شركات تأجير العقارات، لا تملك أي عقارات وكما هو معروف فإن فيسبوك، صاحب أكبر شبكة تواصل اجتماعي حول العالم لا يخلق أي محتوى.

إن نموذج العمل الذي تقوم عليه تلك الشركات هو بالذات ما منحها الميزة التنافسية في السوق فالزبائن اليوم تبحث عن الشركات التي تسهل وتخفض من تكلفة تقديم الخدمة لها وتمنحها القدرة التفاعلية في اختيار الخدمات أو المنتجات التي تقدمها. فالشركات المنافسة تعمل على تحديث منتجاتها أو تحديث الطريقة التي تقدم فيها تلك المنتجات وإشراك الزبائن في اختيار عملية تقديم تلك الخدمة أو المنتج أي تقدم مزايا إضافية للزبون تدفعه للتخلي عن منتجات أو خدمات الشركات التقليدية التي اعتاد الشراء منها وبالتالي سوف تخسر تلك الشركات زبونها الحالي وزبائن محتملين أي تنخفض حصتها في السوق، بل وربما تخرج من السوق بشكل نهائي، وهو ما حدث فعلاً للعديد من الشركات خاصةً في الدول المتقدمة، ففي قطاع الخدمات على سبيل المثال خرجت الكثير من وكالات الحجوزات والرحلات السياحية ومكاتب تأجير السيارات والعقارات التي تعمل وفق الطرق التقليدية من السوق بعد أن حلت مكانها الشركات التي تعمل وفقاً لنموذج الأعمال الرقمي أو تلك التي تحولت لذلك النموذج فهي وبخلاف الشركات التقليدية، تمتلك منصات تفاعلية مع الزبائن وتطبيقات برمجية تعمل على الهواتف الذكية حيث أصبحت تقدم خدماتها عبر الانترنت وباستخدام الخوارزميات والذكاء الصناعي التي جعلت من الزبون أكثر قدرة على معرفة تفاصيل الخدمة المقدمة ومنحته خيارات أوسع من ناحية انتقاء شكل ونوع الخدمة. فالرحلات السياحية التي كانت تنظمها الشركات التقليدية كانت مجهولة من قبل الزبون أما اليوم فبإمكانه اختيار الحجوزات التي تناسبه ومسار رحلته فقط عبر بضعة ضغطات على المنصات التفاعلية، وهنا يبرز التحول الرقمي في قطاع الخدمات بشكل واضح حيث انتفت الحاجة لشركات الوساطة التقليدية وحل مكانها الشركات الرقمية الرائدة التي تربط أصحاب الخدمة (مالكي الأصول، عقارات وسائل نقل البضائع...) والزبائن.

 

نحو اقتصاد جديد

نحيا اليوم في عصر التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي احدثتها ثورة علمية وتقنية جارفة فإن البقاء على الطرق التقليدية في العمل أصبحت تعني بالضرورة الخروج من السوق بعد فترة قد لا تطول فسرعة انتقال التكنولوجيا لم تعد تسمح للطرق القديمة بالاستمرار لوقت طويل كما كان قبل عصر الثورة التكنولوجية، فإذا كنت من أصحاب مشاريع بيع التجزئة ولا تتوفر لديك منصات لعرض المنتجات على شبكات التواصل الاجتماعي وموقع خاص على الانترنت فإنك سوف تكون بالكاد مرئي لمعظم الزبائن المحتملين لمنتجاتك، فالمستهلك اليوم لم يعد يبحث عن المعلومات المتوفرة في السوق (وفقا للمفهوم التقليدي للسوق) فالسوق قد انتقل لمكان اخر، والمقصود بذلك طبعا هو الانترنت.

 

إن الانتقال نحو رقمنة النشاط الاقتصادي أصبحت ضرورة لرجال الأعمال التقليديين كما تشكل في الوقت نفسه فرصة لرواد الأعمال العصريين في البدء بمشروعهم الريادي القائم على الرقمنة فالأسواق العربية تعتبر أرض خصبة وغير مستثمرة في الوقت نفسه لهذا النوع من الاستثمارات الريادية مع عدد مستخدمين لشبكة الانترنت يصل الى 266 مليون مستخدم وبمعدلات نمو في عدد المستخدمين هي الأعلى في العالم كما تشير التقديرات الى تضاعف معدل تدفق البيانات عبر الحدود التي تربط الشرق الأوسط ببقية دول العالم خلال العقد الماضي بما يتجاوز 150 ضعفًا بالرغم من ان استخدم الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية عموما قائم على تداول الاخبار والتواصل والترفيه أي مازال استهلاكيا بالدرجة الأولى لكن وبالرغم من سلبية نوعية الاستخدام إلا انها تعني أيضا وجود فرص متاحة وغير مستثمرة، بالمقابل تبدي بعض الدول العربية ولا سيما دولة الامارات العربية المتحدة تقدما ملحوظا نحو الانتقال الرقمي مع وصول نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي من اجمالي الناتج المحلي الى 4.3% (إحصاءات عام 2017) مع نمو مرتفع يفوق باقي القطاعات الاقتصادية، كما وصل عدد مستخدمي الهواتف الذكية في الامارات الى 100% منهم 72% يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي وهي معدلات تفوق نظيرتها في الولايات المتحدة الامريكية، كما اطلقت عدد من دول مجلس التعاون الخليجي كالبحرين والسعودية عدد من المبادرات المعنية بالتحول الرقمي.

 

إن رائد الأعمال بحاجة دائماً للبقاء على تواصل مع آخر الابتكارات العلمية كما يجب أن يتصف بالجرأة والاستعداد للتجريب وهو بالذات ما يفتقره العالم العربي لاسيما على المستوى الاقتصادي، فالتجريب هو أساس الابتكار، فيمكن لتلك التجربة أن تكون بدايتك لإطلاق مشروعك الريادي.


 

 

Last modified on Sunday, 15 September 2019 23:21
Rate this item
(3 votes)

Leave a comment

About Us

Enjoy the power of entrepreneurs' platform offering comprehensive economic information on the Arab world and Switzerland, with databases on various economic issues, mainly Swiss-Arab trade statistics, a platform linking international entrepreneurs and decision makers. Become member and be part of international entrepreneurs' network, where business and pleasure meet.

 

 

Contact Us

Please contact us : 

Cogestra Laser SA

144, route du Mandement 

1242 Satigny - Geneva

Switzerland

We use cookies on our website. Some of them are essential for the operation of the site, while others help us to improve this site and the user experience (tracking cookies). You can decide for yourself whether you want to allow cookies or not. Please note that if you reject them, you may not be able to use all the functionalities of the site.