fbpx
ثقافات ولغات

ثقافات ولغات (5)

الآثار الجانبية للفيروس: فرصة مراجعة الأولويات في خضم الجنون المعاصر، نشارك نصًا جميلًا بقلم الدكتور رفائلي موريلي (Raffaele Morelli)، الطبيب النفسي والرئيس المؤسس لمعهد الطب النفسي الجسدي في رزا (Riza) (ايطاليا).

"أعتقد أن الكون لديه طريقته في إعادة التوازن بين الأشياء وقوانينها، عندما تصبح هذه مزعزعة للغاية. اللحظة التي نعيش فيها، مليئة بالشذوذ والمفارقات، مما يجعلنا نفكر ...

في هذه المرحلة التي وصل فيها تغير المناخ، الناجم عن الكوارث البيئية، إلى مستويات مثيرة للقلق. اصبحث الصين أولا، ثم العديد من الدول الأخرى، مضطرة لتطبيق الحظر. الاقتصاد ينهار، لكن التلوث يتناقص بشكل كبير.

الهواء يتحسن. نستخدم القناع، لكننا نتنفس...

في لحظة تاريخية، عندما يتم إعادة احياء بعض الإيديولوجيات والسياسات التمييزية في جميع أنحاء العالم، مع التذكير بقوة بماضي وضيع، يصل فيروس، مما يجعلنا عرضة، بين ليلة وضحاها، لنصبح نحن أيضًا من يعاني من التمييز، نصبح نحن المميزون، المعزولون، أولئك الذين يتم حظرهم عند الحدود والذين يجلبون الأمراض. هكذا دون اي ذنب. حتى لو كنا من البيض، الغربيين، ونسافر في الدرجة الأولى (عقدة الرجل الأبيض القوي)

في مجتمع قائم على الإنتاجية والاستهلاك، حيث نعمل جميعًا لمدة 14 ساعة في اليوم بعد أن يكون من غير الواضح لماذا، ناهيك عن يومي السبت أو الأحد، بدون مزيد من فترات الراحة في البرنامج.

فجأة، يتوقف كل شيء. ويتوجب لزوم المنزل لأيام وأيام، لنشرع في حساب الوقت الذي فقدنا قيمته، بمجرد أن لم يعد من الممكن قياسه بمقدار المال أو الربح. والسؤال: هل نعرف فعلا ماذا نفعل به؟

في الوقت الذي غالبًا ما يتم فيه تفويض تعليم أطفالنا، بحكم الظروف، إلى شخصيات ومؤسسات مختلفة، يغلق الفيروس المدارس ويجبرنا على إيجاد حلول بديلة، بحيث يتم لم شمل الأمهات والآباء مع أطفالهم.

إنه يجبرنا على إعادة بناء "أسرة".

في ظل بيئة يتم فيها تشكيل العلاقات والتواصل والتلاحم الاجتماعي بشكل أساسي في وسط افتراضي من خلال الشبكات الاجتماعية، مما يمنحنا وهم القرب، يسلب الفيروس القرب الحقيقي فعلًا: لا يجب أن يلمس أحد أحدأ، لا تقبيل، لا عناق، مع الحفاظ على مسافة، فهي علاقة باردة تفتقد الى الاتصال.

منذ متى اتخذنا هذه الطرق في السلام ومعناها أمرا مسلما به؟

في المناخ الاجتماعي حيث أصبح التفكير في نفسك هو القاعدة، يرسل لنا الفيروس رسالة واضحة: الطريقة الوحيدة للخروج منه هي المعاملة بالمثل، والشعور بالانتماء، والمجتمع، والشعور بكوننا جزء من شيء أكبر يحتاج إلى رعاية ويمكن أن يهتم بنا.

المسؤولية المشتركة، الشعور بأن أفعالنا لا تحدد فقط مصيرنا، ولكن مصير الآخرين، جميع من حولنا. وأننا نعتمد عليهم.

لذا إذا أوقفنا "البحث عن المذنب"، لنسأل أنفسنا عن الخطأ ولماذا حدث كل هذا، ولنسأل أنفسنا بدلاً من ذلك عن ما يمكننا تعلمه، أعتقد أننا جميعًا لدينا الكثير لنفكر به وما نعمله.

لأنه مع الكون وقوانينه، من الواضح أن لدينا دينًا مفرطًا.

إنه يذكرنا بها بثمن باهظ، من خلال فيروس.

 

ترجمة عن الفرنسية

https://www.vh.ma/actualite-news-express-maroc/news/lamour-temps-corona/

 

 

 

 

حتى وقت قريب، كانت الدول الصناعية الكبرى تهيمن على إقتصادنا العالمي والتى إعتمدت بشكل كبير على توافر البنية التحتية المعقدة والمكلفة من اجل التعدين وإستخراج الموارد الطبيعية والصناعة. ولكن أدت التطورات الهامة والتي شملت الأزمة الإقتصادية العالمية في عام 2008، وإنتشار الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي وإنخفاض تكاليف التكنولوجيا إلي القضاء على هذا الإحتكار. وبالتالي، إتاحة ظهور نموذج إقتصادي أكثر شمولاً يزداد فيه بشكل تدريجي مشاركة الأسواق المهمشة في السابق في الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، فإن تلك التطورات ليست هي الظاهرة الوحيدة التي لعبت دوراً محورياً في تغيير مسار إقتصادنا العالمي.

 

حيث كان للإندماج الغير مسبوق لعالمنا المادي والرقمي والحيوي، في مايسمى بالثورة الصناعية الرابعة، دوراً كبيراً في تحويل مسار إقتصادنا العالمي عن طريق خلق قطاعات جديدة ومبتكرة. بالإضافة إلى تمكين جيل جديد من رجال الأعمال قادرين على إعادة التفكير في المنتجات والخدمات المتوفرة في السوق، وقادرين كذلك على زعزعة القوة العامة التقليدية عن طريق دفع نماذج عمل جديدة تركز بشكل أكبر على المرونة والأعمال القائمة على المشاريع. كما كان لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 أثراً كبيراً في تحويل مسار أسواقنا العالمية من خلال التأكيد على ضرورة تشجيع التنمية والتي تعزز الممارسات الإجتماعية والإقتصادية والبيئية الأكثر مسؤولية.

 

أثار التطور السريع للإقتصاد الرقمي العديد من التساؤلات حول مستقبل العمل. وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث توجد العديد من القوى العاملة والتي مازالت تعتمد على نسبة كبيرة من العمالة الغير ماهرة والغير مؤهلة بشكل رسمي. الأمر الذي جعل العديد من الأشخاص قلقون حول إستقرار وظائفهم. لكن هذا الخوف ليس كافياً لإيقاف أصحاب الأعمال في المنطقة من طرح الأسئلة الصعبة التي يجب طرحها من أجل تطوير فرص العمل والتعليم الضرورية لتأمين المستقبل الوظيفي للعالم العربي.

 

الوضع الراهن للشباب العربي

في الوقت الراهن، يمثل الشباب الأصغر من 25 عاماً حوالي نصف سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأكثر من ربع هؤلاء الشباب عاطلون عن العمل، ولكن تلك البطالة ليست ناتجة عن نقص التعليم فقط، حيث وفقاً لتقرير مستقبل الوظائف والمهارات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي نشره المنتدى الإقتصادي العالمي في مايو 2017، "فإن خريجي الجامعات يمثلون حوالي 30% من إجمالي الشباب العاطل في المنطقة، مع إثنان من كل خمسة خريجين عاطلين عن العمل." إذا لماذا يكافح العديد من الشباب لإيجاد فرص عمل؟

 

وتكمن المشكلة في الفجوة المتزايدة بين المهارات والكفاءات التي تقدمها المؤسسات التعليمية في المنقطة ومايحتاجه أصحاب الأعمال من الموظفين المحتملين. ومع ذلك، فإن الشباب العربي ليسوا هم الخاسرون الوحيدون نتيجة لعدم تطابق المهارات في المنطقة. حيث وفقاً لنفس التقرير، "فإن حوالى 40% من أصحاب الأعمال في المنطقة يشيرون إلى ان فجوة المهارة تشكل عقبة حقيقية أمام نمو الأعمال" وبالتالي، فإن هذا يسلط الضوء على الحلقة المفرغة والتى تزداد إتساعاً في العالم العربي نتيجة لعدم التوافق بين أصحاب المصالح المختلفين في المنطقة.

 

ومع ذلك، فإن أكبر التحديات التي تواجه العالم العربي عندما يتعلق الامر بإطلاق الإمكانات الكاملة للإقتصاد العربي هي عدم قدرتها على الإستفادة بشكل بكامل من توفر العمالة الماهرة من الشباب المتعلم. وعلى الرغم من ان العجز في المهارات المذكورة سابقاً يمنع العديد من الشباب العربي من إيجاد وظائف، فإن العديد من الشباب العربي المؤهل يترددون في الإنضمام للقوى العاملة وذلك لأنهم غير راضين عن المرتبات او ظروف العمل في القطاع الخاص بالمنطقة. وبالتالي، فإن العديد من الشباب العربي يقررون الهجرة إلى دول توفر مرتبات ومميزات إجتماعية أفضل (مثل برامج التوجيه، والمساعدة التعليمية ورعاية الأطفال) الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تقليص حجم رأس المال البشري في المنطقة.

 

تطلعات الشباب العربي

سلط إستطلاع الرأي عن ثقة الباحث عن الوظائف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي نُشر في اغسطس 2017 بواسطة YouGov’s و Bayt.com الضوء على كيف ان "ثقة الباحث عن العمل تعد مؤشراً على تقدم البلد إقتصاديا" وبعبارة أخرى، فإذا كان الباحث عن وظيفة واثقاً من إقتصاد دولته ولديه مستوى جيد من الدخل، فإنه عادة يقوم بإنفاق المزيد من الأموال على السلع الإستهلاكية. لكن في حالة إذا ما كان الباحث عن الوظيفة غير متيقناً من حالة دولته الإقتصادية فإنه عادة مايلجأ إلى تحديد إنفاقه، الأمر الذي يؤدي الى خلق حالة من الركود العام في الإنفاق مما ينتج عنه إنكماش إقتصادي.

 

إذاً، ماذا يشعر الشباب العربي حول مستقبلهم؟ وفقاً لنفس إستطلاع الرأي المذكور اعلاه، فإن المشاركين من منطقة بلاد الشام وشمال أفريقيا كانوا بشكل عام أكثر تشاؤماً حول الوضع الراهن لإقتصاد بلادهم، وحالة أهاليهم المادية ومستقبلهم الوظيفي. ومن ناحية أخرى، أظهر المشاركون من دول الخليج العربي مستويات أعلى من التفائل في جميع نواحي الحياه. ومع ذلك، فإن المشاركين من كلا الجانبين كان لديهم نقطة مشتركة ألا وهي: أنهم لا يريدون وظائف في شركات.

 

وفي إستطلاع رأي أخر نشره موقع Bayt.com و YouGov بعنوان ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتاريخ نوفمبر 2017، أعربت الغالبية العظمى من المشاركين (حوالي 55% و 76%) من جميع أنحاء العالم العربي عن رغبتهم في إمتلاك أعمالهم الخاصة او ان يعملوا لحسابهم الخاص. وبعض من الأسباب وراء هذا الإختيار على حد قولهم شمل رغبتهم في الشعور بالإكتفاء الذاتي والقدرة على تحقيق التوازن بين العمل والحياه.

 

الوظائف المستقبلية في العالم العربي

ومما لاشك فيه، فبالرغم من ظهور العديد من التحديات الهائلة بالتزامن مع الثورة الصناعية الرابعة، إلا ان تلك الثورة كانت قادرة على توفير فرص جديدة لوظائف عالية القيمة في القطاع الرسمي وفي العديد من المجالات. ومع ذلك، فمن أجل تلبية هذا المطلب، سيتوجب على العمالة العربية الشابة البحث عن مؤهلات متعددة التخصصات والتي ستتيح لهم المزج بين المهارات الرقمية والأساسية. وبالتالي، توفير سوق العمل متعدد المهارات والضروري لدفع الإقتصاد الرقمي للأمام في العالم العربي. ومع ذلك، فإن الوظائف متعددة المهارات ليست الوحيدة التي لها إمكانية النمو في المستقبل القريب.

 

وبينما يستمر عدد السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتزايد، فسيكون هناك حاجة إلى المزيد من المرافق العامة، والتي تشمل المدارس والطرق، وأنظمة النقل وما إلى ذلك. وبالتالي فإذا كان أصحاب المصالح في المنطقة يستطيعون تحديد تلك الإحتياجات، فسيكونون قادرين على توليد عدد كبير من الوظائف متوسطة ومنخفضة المهارات كنتيجة لذلك. وأيضاً، فإن إضفاء الصبغة الرسمية وتطوير العديد من خدمات الرعاية (مثل النظافة، ورعاية الأطفال والمسنين) ستجعل دول المنطقة قادرة على خلق المزيد من فرص العمل والتدريب للعمالة الغير ماهرة.

 

وفي حين يتوقع ان يولد الإقتصاد المعتمد على الزراعة ملايين الوظائف وبالتاي زيادة إجمالي الناتج المحلي للعديد من الدول العربية، إلا ان هناك توجهاً للإستفادة من قطاع كبير غير مستغل وهو: قطاع العمل الحر (الفريلانسر). في تقرير نشره معهد ماكينزي العالمي بعنوان سوق العمل الذي يعمل في عام 2015 والذي يقول انه بحلول 2025 فمن المتوقع ان تولد منصات العمل على الإنترنت مايعادل 945.000 وظيفة إضافية بدوام كامل وزيادة 21 مليار دولار في إجمالي الناتج المحلي في مصر و مايعادل 276.000 وظيفة إضافية و 32 مليار دولار في إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية.

 

الثقافات الضرورية لدفع التنمية الإقتصادية للدول العربية

وبالرغم من ان الدول العربية لديها القدرة على توليد ملايين الوظائف عبر العديد من القطاعات والمستويات المختلفة في المستقبل. إلا ان قدرتهم على تحقيق ذلك ستعتمد على إذا ماكانوا قادرين على رفع مهارات القوة العاملة لديهم. وأيضاً، ستعتمد على قدرتهم على تجهيز الشباب العربي اليوم بمهارات الغد. ومع ذلك، ومن أجل تحقيق تلك الأهداف، سيتوجب على أصحاب المصالح في المنطقة دمج أربعة ثقافات أساسية في المجتمعات العربية.

 

أولاً، يجب تأسيس ثقافة التعاون بين أصحاب المصالح الرئيسين في المنطقة لضمان خلق منهج وخبرات تعليمية ستكون قادرة على تمكين الشباب العربي من الإزدهار. وثانياً يجب تعميم ثقافة محو الأمية الرقمية لتسهيل تحويل الإقتصاد العربي ليكون إقتصاداً مبنياً على المعرفة التي تولد الإبتكارات. وثالثاً، ثقافة الإستشارة والتي يجب ان يتم دمجها في العديد من مؤسسات المنطقة التعليمية وأماكن العمل، ليتمكن الشباب من تحديد قرارات أكثر إستراتيجية في حياتهم الشخصية والعملية. وآخيراً وليس آخراً، يجب تأسيس ثقافة التعلم مدى الحياة، ليتمكن الأفراد والمؤسسات في المنطقة من الإستمرار في معرفة التغييرات العالمية المستمرة.

 

وعلى الرغم من الفجوة الإقتصادية التي تفصل حالياً منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن الدول الصناعية الكبرى، إلا أن إزدهار الإقتصاد الرقمي قد خلق فرصة فريدة للدول العربية في إدارة هذا "التخلف" عن طريق الإستعانة بأفضل الممارسات التي ظهرت على ساحة التنمية في العامين الماضيين. والآن، يبقى السؤال: هل سيتمكن أصحاب المصالح في المنطقة من التعاون بشكل فعال في خلق وتنفيذ السياسات الضرورية لتحرير الإمكانات الغير محدودة للشباب والمهارات والموارد العربية؟

 

 

 

 

بعد الزيارة التي قام بها فريق دايركشن للمسؤولية الاجتماعية الى المنظمات الدولية في مدينة جنيف في مستهل العام الميلادي الجاري، كان لنا هذا التواصل مع د. شادي بن فؤاد خوندنه، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "اسبيشيال دايركشن" حيث قام بتزويد منصة رواد الاعمال العرب السويسريين بتفاصيل حول دايركشن المسؤولية الاجتماعية.

 

بقلم: ايمن ابو الخير

 

(English version)

يتم الحديث كثيرا في الوقت الراهن عن ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة. ولقد مر العالم بثلاث ثورات صناعية خلال القرنين الماضيين. بدأت بوادر الثورة الصناعية الأولى في بريطانيا في أواخر القرن الثامن عشر مع استخدام المياه والطاقة البخارية لمكننة الإنتاج. ثم جاءت الثورة الثانية في أوائل القرن العشرين وذلك عندما قام هنري فورد بادخال خط التجميع المتحرك وبذلك فانه فتح الطريق لعصر الإنتاج الشامل.

سامي بن منصور

 

"الثقافة هي ما يبقى في الذهن عندما ننسى كل شيء". هذه المقولة لرجل الدولة الفرنسي إدوار هيري هي صحيحة بشكل خاص في مجال المؤسسة الاقتصادية حيث الثقافة هي محرك قوي للأداء. دعونا نتذكر ظهور اليابان كقوة اقتصادية في الثمانينات الذي جاء لكي يشكك في القيادة الصناعية للولايات المتحدة الامريكية في سوق السيارات العالمي. في ذلك الوقت كان هناك حديث عن الإدارة من خلال الثقافة لتفسير هذا النجاح الباهر لليابانيين في الاقتصاد العالمي.

 

ولكن ماذا عن الاختلافات الثقافية بين المؤسسات الاقتصادية في سويسرا و في العالم العربي؟

 

في دراسة عنوانها "التعددية الثقافية والهوية الوطنية" يحاول الجامعي السويسرية الكسندر برغمان، وهو باحث في جامعة لوزان، استقراء السمات الرئيسية للثقافة المؤسساتية في سويسرا من المبادئ التأسيسية للثقافة المجتمعية السويسرية.

 

برغمان يحدد أربعة مبادئ تأسيسية للثقافة السويسرية التي تؤكد على قيم مثل التوازن والبراغماتية والنظام.

 

  1. البحث عن التوازن والاستمرارية
  2. التكامل والبحث عن نقطة التوازن
  3. البراغماتية
  4. طعم النظام والجدية

 

و استطاع برغمان من خلال المقابلات التي اجراها إبراز سبع سمات ثقافية تشترك فيها المؤسسات الاقتصادية السويسرية.

 

  1. قيمة العمل، التي تتعدى الغرض الاقتصادي
  2. المؤسسة هي ملتقى لتحقيق الفائدة المشتركة و مكان للتوافق
  3. التسلسل الهرمي مقبول من الجميع و مختلف مستوياته مكملة لبعضها البعض
  4. اتخاذ القرار يكون بالتشاور مع الأطراف المعنية بصفة مباشرة
  5. يقع احترام الفرد و هامش المناورة الذي يتمتع به متأتي من شعوره بالمسؤولية
  6. التغيير الدائم والتدريجي يفضّل على الاضطرابات والثورات
  7. تجنب الصراعات المفتوحة

 

يتضح من دراسة برغمان أن العمل هو القيمة الأساسية في ثقافة المؤسسة في سويسرا التي تفضل توافقا في الآراء حول مصلحة مشتركة عوضا عن الصراع. نظام القيادة استشاري ويجمع بين احترام التسلسل الهرمي والتشاور في عملية صنع القرار. وبالتالي فإن الفرد هو محور المؤسسة من خلال هامش المناورة التي يتمتع بِه اعتمادا على شعوره بالمسؤولية. وأخيرا، تفضل المؤسسة السويسرية التغيير، شريطة أن لا يؤدي إلى كسور.

 

الصفات الثقافية للمؤسسة السويسرية تؤثر بالتأكيد على جودة المنتجات والخدمات المقدمة التي هي معروفة في جميع أنحاء العالم بتميزها ودقة عملياتها التصنيعية.

 

ماذا يمكن ان نقول الان عن الثقافة المؤسساتية في العالم العربي؟

 

لا نستطيع الحديث عن ثقافة وحيدة في المؤسسة العربية نظرا للاختلافات الثقافية العميقة التي نجدها في بعض الأحيان بين مختلف الدول العربية (وخاصة بين المشرق والمغرب العربي). لكننا في المقابل يمكننا أن نجزم وجود بعض السمات المشتركة التي تميز ما يمكن أن يسمي ب"الثقافة الشرقية" الذي يرتسم معناها في التراث الثقافي المشترك للشعوب العربية القائم أساسا على وزن الطائفية و تأثير الدين من خلال تواجده الدائم في الحياة العامة و بيروقراطية نسبية في الادارة.

 

وفقا لدراسة أجراها باحثون تونسيون في نطاق مشروع "جلوب" نكتشف تجانسا ثقافيا عاليا لدى الدول العربية. و يتحدث الباحثون عن مفهوم "الإدارة العربية" لوصف أسلوب الإدارة في بلدان ما يسمونه ب"المجموعة العربية" و هي الدول العربية التي تم اختيارها كجزء من هذا المشروع وهي مصر، الكويت وقطر والمغرب.

 

وتتأثر الممارسات الإدارية في المجتمعات العربية بالإسلام و التقاليد القبلية والإرث الاستعماري و التأثيرات الثقافية الغربية وتدخل الدولة.

 

ويزعم الباحثون في مشروع "جلوب" أن الهيكل الرئيسي للتنظيم الاجتماعي العربي هو أساسا هرمي و تقليدي يعكس نسبيا تمثيل العلاقات الأسرية والاجتماعية التي تؤثر على المجتمع. وبالتالي، تتميز الدول العربية بمسافة طويلة السلطة. علاوة على ذلك، المعرفة، المال والسلطة يسيرون جنبا إلى جنب. و السلطة تستمد مصدرها بقوة من الأسرة، و شبكة الصداقات و الكاريزما.

 

جيرت هوفشتد، الباحث الهولندي الشهير الذي كرس حياته لدراسة الاختلافات الثقافية في الإدارة كان من الأوائل في دراسة ممارسة الإدارة في البلدان العربية. هوفشتد يُبين ان المؤسسات العربية تتميز بمسافة طويلة للسلطة، بدرجة عالية من السيطرة على ما هو غير يقيني، بدرجة كبيرة من الذكورة واخيرا انخفاض مستوى النزعة الفردية.

 

و تتميز عملية صنع القرار في المؤسسات العربية بالميل إلى نزعة غير تشاركية إلى حد ما في الوقت الذي تسعى الى توافق من خلال أساليب استشارية. بشكل عام، تتميز الإدارة في الدول العربية بعدم وجود للتخطيط، بضعف للسياسات على المدى الطويل، والمركزية المفرطة في صنع القرار اضافة الى عدم وجود خطوط واضحة في التنظيم داخل المؤسسة.

 

و يبرز من خلال هذه الدراسات المختلفة وجود اختلافات كبيرة بين الادارة في المؤسسات السويسرية و تلك التي توجد في العالم العربي. اذ ان المؤسسات العربية عموما هي تقليدية جدا و تسود فيها عقلية العشيرة. في المقابل نجد ان المؤسسة السويسرية أدمجت تماما فكرة التغيير و تعطي المبادرة للفرد لكي يحقق التغيير. إنما يخضع الفرد للسلطة التقليدية في العالم العربي. مع ذلك تشترك المؤسسات السويسرية و العربية في اتباع فكرة الإجماع في اتخاذ القرار.

 

اخيرا، فإن المؤسسة بغض النظر عن الثقافة الأصلية تبقى اولا و اخيرا مسالة حس سليم.

 

الاراء الواردة في هذه المدونة لا تعبر بالضرورة عن اراء ادارة الموقع

 

About Us

Enjoy the power of entrepreneurs' platform offering comprehensive economic information on the Arab world and Switzerland, with databases on various economic issues, mainly Swiss-Arab trade statistics, a platform linking international entrepreneurs and decision makers. Become member and be part of international entrepreneurs' network, where business and pleasure meet.

 

 

Contact Us

Please contact us : 

Cogestra Laser SA

144, route du Mandement 

1242 Satigny - Geneva

Switzerland

We use cookies on our website. Some of them are essential for the operation of the site, while others help us to improve this site and the user experience (tracking cookies). You can decide for yourself whether you want to allow cookies or not. Please note that if you reject them, you may not be able to use all the functionalities of the site.