س: بما أننا منصة رواد الاعمال العرب السويسريين, سيكون من الشيق لمتابعينا معرفة إذا كان لك أية علاقة بالعالم العربي؟ وهل شاركت من قبل في مؤتمرات أو فعاليات في منطقة الشرق الأوسط؟

لقد قابلت عدداً من كبار رجال المال في الشرق الأوسط تربطني ببعضهم علاقات وثيقة بسبب اهتمامهم المشترك بالمغامرات. و عدداً آخر من أصحاب الثروات الذي يرتبطون بشخصيات رفيعىة وهم يبحثون عن خوض المغامرات، لكن هناك القليل من اصحاب الصناديق السيادية الذي نرتبط معهم بشراكات. لا حدود للأعمال التي أقوم بها، لدي الكثير من الاستثمارات في جميع أنحاء العالم، فأنا أنتهز أي فرصة أراها سانحة وقيمة في السوق لاستغلها، في الوقت الحالي وجدت فرصة للمضاربة ضد الدولار الأمريكي والاستثمار في الذهب.

لم أحضر أي من المؤتمرات في الشرق الأوسط ولكنني سأكون سعيداً لو حدث ذلك، ولقد تشرفت بدعوة الملك عبد الله الثاني ملك الأردن لحضور مؤتمر كان سيضيف كثيراً إلى النموذج الذي أسعى إليه في إدارة أعمالي، ولكن حدث تضارب في قائمة أعمالى حرمني من حضور ذلك المؤتمر، وسأكون سعيداً جداً لو أتيحت لي الفرصة مرة أخرى لزيارة المنطقة العربية، انني احرص على انتقاء المؤتمرات التي اشعر انني استطيع تحقيق قيمة إضافية فيها.

س: في حال قمنا بتنظيم فعاليات خلال الفترة القادمة، هل أنت مهتم بالحضور والمشاركة فيها؟

بالطبع مهتم، فأنا لدي شغف للتعرف أكثر على العالم العربي التي تثير ثقافته أيضاً اهتمامي بشكل كبير، ولعلي أجد هناك فرص مميزة للاستثمار، من يدري؟ المجتمع العربي يحتاج كثيراً إلى إعادة إدارة استثماراته المتاحة بصورة أشمل، خصوصاً الثروات الموجودة في منطقة الخليج، وعمان، وأبو ظبي، إلخ. إن هناك اهتمام لجلب الإستثمارات في هذه المنطقة وهي في تزايد بشكل ملحوظ، وهناك رغبة بتنويع مجالات الاستثمار حالياً بعيداً عن البترو-دولار لخلق فرص أكثر للمزيد من الأعمال في تلك المنطقة الغنية. لدي الكثير من الفضول للتعرف على ماهية الاستثمارات في الفترة القادمة وكيف ستكون الإدارة المالية في المرحلة المقبلة، وعلى أي وتيرة ستسير خطط التنمية هناك. لقد قابلت أيضاً العديد من الشخصيات العربية الرفيعة المستوى، ذات التعليم العالي، وكان لدي تساؤل دائماً عن أحوال الاستثمارات في منطقتهم وما هي المشكلات التي يواجهونها.

س: حدثتنا اثناء القمة عن ثلاثة عناصر رئيسية لرائد الأعمال: الخوف والحدس والحكمة. ماذا تقصد بذلك؟

الخوف هو جهاز تحذير في منتهى الأهمية بالنسبة لرجل الأعمال، يخبر رجل الأعمال متى يتوقف ومتى يجب عليه أن يحذر من الخطوة القادمة وأن يتجنب السقوط في مزيد من الأزمات، اضرب مثلا لهذا عبور طريق مزدحم، إذا لم تكن خائفاً بما فيه الكفاية من حركة المرور، فسوف تصطدم بسيارة. عنصر الحكمة هو إيجاد مكان مناسب لعبور الطريق. وأخيرًا، فإن الحدس يدور حول فهم نمط سرعة السيارات وكثافة حركة المرور، مما يساعد على اختيار الوقت المناسب لعبور الطريق. كرائد أعمال تحتاج إلى معرفة السوق الخاص بك، والمنتج والاستثمار الخاص بك، ولكن يتوجب أيضا معرفة موظفيك، قدراتهم ونقاط ضعفهم.

يجب على رائد الأعمال أن يكون مُلماً بإمكانياته الشخصية، وطبيعة ما يقدمه للسوق من منتجات، والشكل العام للسوق، وقوة المنافسة من حوله. تأسيس أي مشروع من البداية هو شيء مقلق حقاً، بل ويمكن أن نقول إنه مخيف بعض الشيء، ولكن في بعض الأحيان ما يجعله مخيفاً هو الإفراط في محاولة التحليل والتخطيط الذي يمكن أي يعيق رائد الأعمال عن الكثير من الخطوات في عمله، ولكن على الجانب الآخر هناك احيانا أخرى يقوم فيها رائد الاعمال بخطوات غير محسوبة بدقة يمكن أن تكلفه الكثير، لذلك بالنسبة لي فان الخوف هو حليفي الذي يحذرني دائما في الوقت المناسب، هو بمثابة جهاز إنذار يساعدك كثيراً على تحديد وجهتك الصحيحة وتعديل اختياراتك.

 جانب من الحضور اثناء قمة الشركات الناشئة في سانت غالن خلال الفترة 15-16 اذار/مارس، 2018.

س: ألم تفكر من قبل في إنشاء أكاديمية خاصة بتعليم الإبحار؟ 

أنا شغوف بالإبحار و لكن ليس بإنشاء اكاديمية للإبحار, الإبحار بالنسبة إلي هو وسيلة رائعة لربط المستثمرين ورجال السياسة بعضهم ببعض حول العالم لخلق علاقات إقتصادية و إتفاقيات استثمارية فيما بينهم, يوجد الكثير من أكاديميات الإبحار تعلم الناس كيفية الإبحار ليجنوا عشرين دولارأ إضافيين ولكن ذلك ليس من إهتماماتي, فالعشرون دولاراً لا تكفي لتسديد الضرائب ولا لدفع الفواتير, أنا احترم وقتي كثيراً وأهتم بشكل كبير بأستثماره بالشكل الذي يعود علي بأقصى ربح ممكن, وقد تركت من قبل الكثير من الإتفاقيات الكبيرة لأنني وجدتها لن تعطيني القيمة التى أسعى إليها وستقيد حريتي فقط لا غير.

س: هل حقاً يفضل رواد الأعمال القيام بأعمالهم بأنفسهم؟

ان المهمة الرئيسية لشركتي هو تقديم الخطابات التحفيزية. ولهذا أفضل القيام بهذا أنا وزوجتي فقط. كما اننا نقوم بتنظيم دورات لبناء الفريق ولا نحتاج في ذلك أكثر من قارب خاص نضع فيه خطط شركتنا تلك، واذا اردنا التوسع في هذا فلا نحتاج الا الى تدريب فريق اخر للقيام بذلك بدلا من امتلاك يخوت اخرى اضافية. المرونة وتعدد الخيارات تعتبر من اهم المميزات التى يحصل عليها رائد الأعمال، حيث أنه يملك حرية إختيار تكوين فريق كبير أو صغير لإدارة أعماله، وتعيين أشخاص معينين لإدارة تلك الأعمال.

س: ما الذي يضيفه العمل الجماعي إلى نجاح وازدهار الأعمال برأيك ؟

هذا السؤال يتعلق بشكل مباشر بالمعرفة الشاملة مقارنة بالمعرفة المتخصصة. أن امتلاك القارب يتطلب وجود طاقم كامل على متن هذا القارب بالاضافة الى القبطان، يكون على القائد حينها أن يكون على دراية كاملة بما يجب عليه فعله وما يجب على كل فرد من أفراد الطاقم الموجود فعله، يعلم جيداً ما هي نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم، لأنه في النهاية ستكون كل النتائج قائمة على القرارات التى أتخذها القائد بناء على المعلومات التى وصلته من أفراد طاقمه. وهذا هو الفرق بين المعرفة الشاملة عند القائد والمعرفة المتخصصة عند أفراد الطاقم.

ولكن عندما تبحر وحيداً يجب عليك أن تكون على دراية كاملة بأحوال القارب، والظروف المحيطة، وأن تكون متأكداً من صحة المعلومات التي تملكها، وهذا هو الحال تقريباً عندما تكون مسئولاً عن شركة معينه، يتعين عليك أن تكون على دراية ومعرفة شاملة بشؤون الشركة وشؤون موظفيها، وطبيعة أدائهم، وكيفية إيجاد الرابط بينهم، والوصول لأعلى معدلات الإنتاج.

إنني أعتبر نفسي من النوع الذي يبحر وحيداً، فأرى أنه لزاماً على أن أحقق معرفة شاملة عن أعمالي، وعن شؤون الموظفين لدي، وهو ما يساعدني كثيراً في تسهيل التواصل بينهم، وتحقيق التناغم بين أعمالهم، تماما مثل المايسترو الذي يقود مجموعة من العازفين لإبداع مقطوعة موسيقية متناغمة. (مقتطفة من كتاب "القيادة والإبحار وحيدا").

نيل بيترسون اثناء المداخلة التي الهبت مشاعر الجمهور، سانت غالن، سويسرا، 16 اذار/مارس 2018.

على القائد أن يكون على دراية كاملة بما يجب عليه فعله وما يجب على كل فرد من أفراد الطاقم الموجود فعله ايضا

س: عندما يتعلق الأمر بإنشاء عملك الخاص، اليس من الحكمة بأن الحصول على وظيفة مؤقتة يساعد على رفع الدخل المادي أثناء اهتمامك بإنهاء عملك؟

لست متأكداً، فيمكنني أن أجيب بنعم أو لا. فبينما كنت أعمل على بناء اليخت الخاص بي، كنت أعمل في منجم وفي مهنة الغوص، كنت أعمل في مجالات مختلفة. كان هدفي حينها هو إتمام أنشاء يختي الخاص بي. كنت أعمل في اغلب وقتي خارج مجال الإبحار وفي وقت محدد كنت أعمل على اليخت، وعندما فقدت عملي، حينها كنت محظوظاً أكثر من أقراني لأنني كنت قد دبرت بعض المال من عملي في المنجم فاستطعت أن اكرس الوقت لأصنع قاربي الخاص.

يأتي عليك الوقت الذي يكون لا مفر فيه من اتخاذ القرارات الصعبة، وتحمل المجازفة، فيجب أن تعطي اهتمامك ورعايتك الكاملة للمجال الذي تنوى النجاح فيه، لأن العمل المشتت على أصعدة مختلفة لا يمكن من خلاله تحقيق أي نجاح في أي من تلك الأصعدة. الخوف من إتخاذ القرار بإعطاء الرعاية الكاملة لهدفك يعيق الكثيرين عن تحقيق أحلامهم لأنهم ينتظرون دائماً الوقت المناسب لذلك القرار، وهذا الوقت المناسب لن يأتي ابداً إلا إذا أخترت أنت ذلك.

نيل بيترسون على المنصة برفقة زوجته بعد الكلمة التي استأثرت باهتمام الجمهور، سانت غالن، سويسرا، اذار/مارس 2018.

(نيل بيترسون لديه أحلام كبيرة، وحان الأوان لتصنع حلمك الخاص بك)

انتهى الجزء الثاني..... اقرأ الجزء الأول