fbpx

اختتم مؤخرًا المؤتمر العالمي الثالث عشر لغرف التجارة (13th WCG) في باليكسبو في جنيف، حيث جمع هذا الحدث ما يقرب من 1500 مشارك من 117 دولة و165 متحدثًا في الفترة من 21 إلى 23 يونيو 2023 تحت عنوان "التعددية في خدمة السلام والازدهار".

نظمت هذه الفعالية من قبل الغرفة التجارية الدولية (ICC) والاتحاد العالمي لغرف التجارة (WCF) بالاشتراك مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات في جنيف (CCIG) بهدف تعزيز الشراكات وفرص الأعمال على المستوى العالمي. ينظم هذا الحدث مرة كل سنتين، حيث يعد فرصة لقادة ومحترفي غرف التجارة لتبادل الأفكار ومشاركة الممارسات الجيدة وتوسيع شبكاتهم.

شارك في هذا المؤتمر متحدثون مشهورون أمثال نغوزي أوكونجو إيويالا (Ngozi Okonjo-Iweala)، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية (WTO)، وأنطونيو غوتيريش (António Guterres)، الأمين العام للأمم المتحدة، وكلاوس شواب (Klaus Schwa)، مؤسس ومدير المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث انصبت مشاركتهم على رؤيتهم بشأن التنوع وتأثيره على النمو ودور الابتكار وأهمية الاستدامة للمستقبل.

وقال فنسان سوبيليا (Vincent Subilia)، المدير العام لغرفة التجارة والصناعة والخدمات في جنيف: "جعل المؤتمر روح جنيف تتألق كعاصمة للتعددية من أجل السلام والازدهار. وقد تم تكريس هذا النهج من خلال اعتماد "ميثاق جنيف". كما يعتبر المؤتمر العالمي، الذي يعد الأكبر الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة والخدمات في جنيف في تاريخها الممتد لـ 158 عامًا، نبضًا حيًا لاقتصاد جنيف مع تحقيق أثار اقتصادية هامة."

ثلاثة أيام مكثفة من المناقشات حول التعددية والشمولية والابتكار

في بداية اليوم المخصص لموضوع "ازالة الغموض عن التعددية"، دعت نغوزي أوكونجو إيويالا (Ngozi Okonjo-Iweala)، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، إلى إعادة النظر في العولمة لجعلها مفيدة للجميع وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية. حيث قالت: "يجب أن نقاوم الضغوط التي تدعو إلى تفتيت الاقتصاد العالمي، فهذا سيكون مكلفًا ومن الممكن أن يضعف مرونة سلسلة التوريد". وأضافت: "المسار الأفضل لنا هو ما نسميه إعادة التعددية: أسواق أعمق ومنتشرة، يتم تحقيقها عن طريق إدماج المزيد من الأفراد والأماكن المهمشة اقتصاديا على المستوى العالمي لإيصالها إلى الجمهور". وحثت رجال الأعمال على دعم "العولمة الإلكترونية".

في هذا السياق، تناغمت تصريحات فيليب فاران، رئيس اللجنة الوطنية لغرفة التجارة الدولية في فرنسا، مع تصريحات المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، حيث أكد على أهمية التعددية في تعزيز الابتكار التكنولوجي اللازم لمواجهة التحديات الكبرى مثل التغير المناخي وصولا الى تحسين رفاهية جميع سكان العالم.

في حين تم تكريس اليوم الثاني لموضوع "الابتكار للجميع"، حيث تم ابراز أهمية الابتكار المستمر للشركات، وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، فيما كانت الاستدامة في صلب مناقشات اليوم الثالث. وتم التشديد على مخاطر السمعة المتعلقة بجرائم البيئة في سلسلة التوريد، وتم حث الشركات على أخذ التدابير اللازمة للحيلولة دون وقوع هذه التجاوزات.

التعددية من أجل الازدهار في القرن الحادي والعشرين

تحتل التعددية في عصرنا أهمية خاصة أكثر من أي وقت مضى، وفقًا لتاتيانا فالوفايا (Tatiana Valovaya)، المديرة العامة لمكتب الأمم المتحدة في جنيف. وقد أشارت إلى ضرورة مراعاة مزيد من أصوات الدول الأعضاء والمجموعات المهمشة لضمان شمولية أكبر. واتفق المتحدثون على أن القطاع الخاص يجب أن يلعب دورًا رئيسيًا في وضع قواعد الحوكمة العالمية، خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل 90٪ من التجارة العالمية. ولتعزيز النمو العالمي فان من الضروري ربط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بفوائد التجارة الدولية. وقد أشار محمد علي راشد لوتاه، رئيس غرفة دبي، بإن هناك عقبات تحول دون ذلك، مثل غياب نظام موحد للتصدير وتباين المعلومات وارتفاع رسوم الاستيراد، واعتبر بان التحول الرقمي أحد الحلول الممكنة.

التحول الرقمي هو المفتاح لنجاح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السوق العالمية

خلال الجلسة "تسهيل التجارة: إقامة شراكات للنمو العالمي" التي ترأستها باربارا راموس (Barbara Ramos)، رئيسة قسم البحوث واستراتيجيات التصدير في المركز الدولي للتجارة (ITC)، أكد المتحدثون أرانتشا غونزاليس (Arancha González)، عميدة مدرسة باريس للشؤون الدولية (PISA)، ومحمد علي راشد لوتاه (Mohammad Ali Rashed Lootah)، رئيس غرفة دبي، وإريك لويب (Eric Loeb)، النائب التنفيذي لشركة سيلزفورس (Salesforce)، على فوائد التجارة الرقمية: فهي تحقق تبادل أسرع وأقل تكلفة وشفافية ووصول متاح للجميع. ويكتسب هذا أهمية خاصة في الأسواق الناشئة حيث غالبًا ما تضيع الفرص الاقتصادية بسبب الاعتماد على أنظمة ورقية. يمكن أن يكون التحول الرقمي عاملاً مُساعدًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث يمكنها الوصول إلى نفس المنصات التي تستخدمها الشركات الكبيرة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا حاسمًا في مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى المعلومات والخبرات. وقد لفتت أرانتشا غونزاليس (Arancha González) الانتباه الى أن تجزئة الفضاء الرقمي ونقص المهارات التكنولوجية يمكن أن يطرحا تحديات أخرى. كما أن من الضروري تعزيز مشاركة البيانات و التشغيل المشترك لها " Interoperability".

ان تطبيق التجارة الرقمية يتطلب بشكل متزايد اعتماد معايير عالمية للتسليم القانوني للوثائق الرقمية، على سبيل المثال من خلال اعتماد نموذج قانوني للوثائق القابلة للتحويل الإلكتروني. تعمل دول مجموعة العشرين بنشاط على الإصلاحات التنظيمية اللازمة وتلتزم بالاتفاقات التجارية التي تعزز التحول الرقمي. وقد أشار المتحدثون الى أنه في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن أهمية التجارة الرقمية فهي لا تمثل حاليًا سوى 1% فقط من التجارة العالمية، مؤكدين على أن التحول الرقمي سيكون لا مفر منه في المستقبل القريب.

حماية فعالة للملكية الفكرية للجميع

كانت حماية القيمة المتحصلة من الإنجازات المبتكرة في صميم الجلسة التي حملت عنوان "الابتكار للجميع وللجميع". إن وصول المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى المعرفة والشروط اللازمة لحماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها بعيد كل البعد عن المستوى الأمثل. ولهذا فان العواقب المالية لعدم حماية حقوق الملكية الفكرية، بالنسبة لهذه الشركات، يمكن أن تكون مصيرية. وقد تناول الاقتصادي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، بيوتر ستريسزوفسكي (Piotr Stryszowski)، موضوع التزييف حيث أكد: "بالنسبة للشركات الكبيرة، يعني هذا دخلاً أقل، وربحًا أقل. أما بالنسبة للشركات المتناهية في الصغر والصغيرة والمتوسطة، فإن هذا يعني وجود مخاطر كبيرة للإفلاس".

وفقًا لكريستينا واينيكا (Christina Wainikka)، الخبيرة في اتحاد الأعمال السويدي، فإن الغالبية العظمى من الشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة لا تسعى إلى تسجيل ملكيتها الفكرية، "تقع المسؤولية ومن نواحٍ عديدة على أولئك الذين يُفترض بهم تسهيل هذه العملية. لأننا غالبًا ما نتحدث عن حقوق الملكية الفكرية بمصطلحات مجردة للغاية بدلاً من تقديمها باعتبار النتائج العملية المترتبة عليها: فهي فرصة بيع؛ وفرصة لتحقيق قيمة إضافية ملموسة ".

وتكتسي حماية الملكية الفكرية أهمية خاصة في السياق الأفريقي. حيث ازدادت طلبات التسجيل هناك بنسبة 10٪ في السنوات الأخيرة، مما يعكس الوعي المتزايد بالقيمة الاقتصادية للملكية الفكرية ودورها في تعزيز الابتكار والنمو الاقتصادي في القارة. واعتبرت رائدة الأعمال التكنولوجية الكاميرونية ريبيكا إينونشونغ (Rebecca Enonchong) أن البلدان النامية ُنظر إليها على أنها متلقية للابتكار أكثر من كونها موردة للابتكار. "ومن الواضح أن هذا ليس صحيحًا. يتعلق الأمر بتسخير المواهب الموجودة والحفاظ على إنجازاتها. وهذا يعني، أكثر من أي شيء آخر، تطوير السياسات والآليات لحماية المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة أمام المنافسة مع الشركات الكبرى. لأن الواقع الحالي هو أن الشركات الصغرى ينتهي بها الأمر إلى التراجع أمام هذه الشركات".

كما دعى دارين تانغ (Daren Tang)، المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) إلى "نظام إيكولوجي أكثر شمولاً للملكية الفكرية، لا سيما للنساء والشباب والشركات الناشئة والشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، التي تمثل 90٪ من الشركات وتوفر 70٪ من الوظائف في العالم". تلعب الغرف التجارية أيضًا دورًا حاسمًا في زيادة الوعي وتدريب الشركات الصغيرة والمتوسطة على الحماية الفعالة لحقوقها، ودعمها بالوصول إلى الموارد والمشورة المتخصصة.

دور القطاع الخاص في اعتماد أفضل الممارسات

اتفق المتحدثون على أن القطاع الخاص يجب أن يلعب دورًا رئيسيًا في تبني أفضل الممارسات وتشكيل قواعد الحوكمة العالمية. قالت باميلا كوك هاميلتون (Pamela Coke-Hamilton)، المديرة التنفيذية لمركز التجارة العالمية، إنه مع وجود الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم (MSMEs) المسؤولة عن 90٪ من التجارة العالمية، فان من المهم زيادة دورها في تحديد السياسات الاقتصادية.

كان يُنظر إلى مسؤولية الشركات في سلسلة التوريد على أنها فرصة لتعزيز الرخاء العالمي من خلال دمج الممارسات المسؤولة. تم تسليط الضوء على الشفافية وإمكانية التتبع واستخدام تقنية سلاسل الكتل (البلوكتشين) (blockchain) لضمان سلاسل توريد مستدامة.

إنجازات بارزة استحقت جوائز عديدة، وفرصة للتألق لتركيا

تم تكريم الإنجازات البارزة التي حققتها غرف التجارة حول العالم بأربع جوائز. حيث فازت غرفة التجارة في أوكلاند بجائزة "أفضل مشروع شراكة" عن مشروعها الذي يركز على الصحة العقلية ورفاهية أصحاب الأعمال، وحصلت غرفة تجارة الإسكندرية من مصر على جائزة "أفضل مشروع غير تقليدي" عن مشروعها المبتكر باستخدام الطاقة الشمسية مما أدى لخلق فرص عمل مع تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

من جهة أخرى، فازت تركيا بالجائزتين الأخريين: حيث فازت غرفة تجارة أنقرة بجائزة "أفضل مشروع ابتكار نموذجي" عن مشروعها الابداعي لتقديم خدمات تتكيف مع احتياجات الأعضاء، وحصلت غرفة تجارة غازي عنتاب على "أفضل مشروع للمساواة بين الجنسين" عن مشروعها لتعزيز استقلالية رائدات الأعمال. تشهد هذه النجاحات على ديناميكية تركيا وتؤكد الدور الأساسي للغرف التجارية التركية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

الجدير بالذكر أن غرف التجارة من الغرفة الاقتصادية الاتحادية النمساوية (النمسا) كانت من بين المرشحين النهائيين في فئة "أفضل مشروع ابتكار نموذجي" عن مشروعها "النهج التجاري لمكافحة الفساد"، غرف دبي (الإمارات العربية المتحدة)، عن مشروعها شهادة المنشأ الذكي وغرفة نيوساوث ويلث (Business NSW) (أستراليا) لمشروعها المتعلق بمركز الخدمات الخاص بإدارة الازمات في زمن الفيضانات (Business NSW Critical Response Business Hub).

حفل ختام سويسري للغاية

خلال حفل ختام المؤتمر، تحدثت هيلين بودليجر أرتييدا (Helene Budliger Artieda)، وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية (SECO) في الاتحاد السويسري، أمام جمهور مصغي. كان خطابها الهام يهدف إلى إظهار التزام الحكومة السويسرية بالقطاع الخاص، وبالتالي الاعتراف بدوره الأساسي في الازدهار الاقتصادي للبلاد.

 

مجموعة متنوعة من العارضين

قدمت قاعة معارض الخاصة بالمؤتمر منصة لاكتشاف أحدث الابتكارات، وإنشاء علاقات تجارية، وتبادل المعرفة وأفضل الممارسات مع المشاركين من جميع أنحاء العالم، حيث كان من بين المشاركين:

  • الشركات السويسرية: البوابة الطبية السويسرية (Swiss Medical Gate)، وكارانداش (Caran d'Ache)، وشركة غلنكور جنيف (Glencore Geneva)، وهرسلاندن (Hirslanden)، وغولت ميلاو (Gault Millau)، وجمعية التحكيم السويسرية (Swiss Arbitration Association) ومجموعة ترانزشن الادارية Transition Management Group.
  • غرف التجارة: غرفة تورينو للتجارة والصناعة والحرف والزراعة، غرفة دبي، الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة، غرفة التجارة والصناعة البرتغالية، غرفة التجارة الصينية السويسرية.
  • الشركات الدولية: شركة غلو اب (Glue Up) وهي شركة أمريكية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات وشركة غروب انغرام (Group Engram)، وهي شركة استشارات استراتيجية كندية مكرسة لنمو الشركات الصغيرة والمتوسطة وشركة Eversheds-Sutherland وشركة تريد داتا مونيتور TDM Trade Data Monitor.

كما شاركت مؤسسة ام اس سي (MSC) رؤيتها الفريدة لاستعادة التوازن الحرج بين البشر والطبيعة من خلال مبادرات مستقلة غير هادفة للربح.

 

 تخلل الحفل الختامي عرض لمغنية سويسرية، باربرا كلوسنر (Barbara Klossner)، حيث أشعلت الحضور من خلال أداء أغانٍ باللغة السويسرية الألمانية، بما في ذلك الأغنية السويسرية التقليدية الشهيرة المسماة "يودل" (yodel). حيث دعت الجمهور للانضمام إليها لأداء رقصة تقليدية، مما خلق جوا وديا وحيويا.


توصيات لمستقبل أفضل وأكثر ازدهارًا للجميع

كان المؤتمر فرصة لصياغة توصيات تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي، وتعزيز الوصول العادل إلى الفرص الاقتصادية، ومكافحة التفاوتات، وتعزيز التحول الرقمي، وتشجيع الابتكار المسؤول. من خلال التوقيع على "بيان جنيف" (Manifeste de Genève)، تعهد منظمو المؤتمر بمضاعفة جهودهم لإحداث فرق في الاقتصاد الحقيقي لصالح الإدماج الاقتصادي والتعاون العالمي والتنمية المستدامة.

تسلط هذه التوصيات الضوء على أهمية الابتكار لضمان مستقبل مستدام. وتم التركيز على أهمية الاستثمار في البحث والتطوير وتعزيز التفكير المستقبلي نظرا للأهمية الخاصة له. كما تم تسليط الضوء على استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة لإيجاد حلول مبتكرة في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع الغذاء، مع مراعاة العواقب البيئية والاجتماعية طويلة الأجل. واقترح تعزيز دور الابتكار من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص والقيام بحملات توعوية. أخيرا كان التركيز على أهمية الاستثمار في الوصول الى الحلول المستدامة وتبني ثقافة الابتكار، بما يضمن من الوصول الى مستقبل أفضل وأكثر ازدهارًا للجميع.

ملبورن ستكون الملتقى القادم في غضون عامين

بعد شكر جميع المشاركين، سلم مدير غرفة تجارة وصناعة جنيف الراية رسميًا إلى مدير غفة تجارة ملبورن حيث سيعقد المؤتمر العالمي الرابع عشر لغرف التجارة العالمية في أستراليا في سبتمبر 2025، حيث سيواصل المؤتمر جهوده للجمع بين القادة الاقتصاديين واللاعبين في جميع أنحاء العالم لتعزيز التعاون الدولي والابتكار الاقتصادي.

أطلقت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) اليوم برنامجًا لتحفيز انتشار التجارة الإلكترونية (eCAP)، بدعم من مركز ريادة الأعمال التابع لغرفة التجارة الدولية والإسكوا ومركز التجارة الدولي، لتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسّطة من خلال الانتقال إلى اعتماد البيع عبر الإنترنت.

ويهدف البرنامج إلى بناء قدرات مئة شركة صغيرة ومتوسطة من المنطقة العربية للانتقال إلى البيع عبر الإنترنت، إما عن طريق تطوير مواقع التجارة الإلكترونية الخاصة بها أو عن طريق البيع في الأسواق الموجودة على الإنترنت. وستستفيد هذه الشركات لمدة عام كامل من الدعم التقني والتجاري، وكذلك الدعم لبناء منصاتها عبر الإنترنت، بالإضافة إلى فرص التدريب والترويج والتواصل.

على الشركات الصغيرة والمتوسطة المشاركة أن تكون مُسجلة وعاملة في إحدى الدول العربية، وأن يكون لديها منتج أو خدمة قابلة للبيع عبر الإنترنت. ويجب أن تكون متواجدة عبر الإنترنت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال موقع إلكتروني غير مُحسَّن بالكامل. كما يجب أن تكون على استعداد لتخصيص شخص أو أكثر من أعضاء الفريق للمشروع.

يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة التسجيل في البرنامج هنا من خلال ملء استمارة تقديم الطلب المتاحة باللغة العربية والانكليزية والفرنسية. أما الموعد النهائي لتقديم الطلبات عبر الإنترنت فهو 20 نيسان/أبريل 2022 الساعة 23.00 بتوقيت بيروت (GMT +3).

المصدر: اسكوا

 

(English) (Francais)

أعلنت شركة امازون المتخصصة بالحوسبة السحابية (خدمات أمازون ويب) Amazon Web Services (AWS) عن توفر فرع لها في منطقة الشرق الأوسط (مملكة البحرين) على الفور، وهي أول منطقة خدمات امازون السحابية  AWS في الشرق الأوسط وتتألف من ثلاث مناطق خدمة.
مع هذا الإطلاق، تتيح امازون ويب (AWS) خدماتها الآن في 22 دولة و69 منطقة متفرقة في ارجاء العال ، تخدم العملاء في أكثر من 190 دولة.
تعد الخدمات السحابية بمثابة عامل التمكين الرئيسي للمؤسسات من جميع الأحجام في الشرق الأوسط.
يمكن للمطورين والشركات الناشئة والمؤسسات، فضلاً عن المؤسسات الحكومية والتعليمية والمنظمات غير الهادفة للربح استخدام خدمات امازن للانترنت AWS لتشغيل التطبيقات والاستفادة من التقنيات المتقدمة مثل التحليلات وقواعد البيانات والخدمات الشاملة ادارة الخوادم (Serverless) لدفع الابتكار عبر منطقة الشرق الأوسط.

للاطلاع على قائمة كاملة بخدمات AWS المتاحة في منطقة الشرق الأوسط (البحرين)، يرجى الضغط على الرابط للاطلاع على جدول مناطق AWS. جدول الاسعار لمنطقة الشرق الأوسط (البحرين) الخاص بـ AWS متوفر في صفحة التفاصيل لكل خدمة معينة من خدمات AWS.

 

ما هي الخدمات الشاملة لادارة الخوادم (Serverless)؟

هي البنية الأصلية للسحابة التي تمكن من تحويل المزيد من المسؤوليات التشغيلية إلى امازونAWS ، مما يزيد من سرعة الحركة والابتكار لدى المستخدم. يسمح للمستخدم بإنشاء وتشغيل التطبيقات والخدمات دون الحاجة لاستثمار الوقت والجهد في متطلبات الخوادم. هذه الخدمة تلغي مهام إدارة البنية التحتية مثل توفير الخادم أو الكتلة والتصحيح وصيانة نظام التشغيل وتوفير سعة التخزين. حيث يمكن إنشائها للحصول على أي نوع من أنواع التطبيقات أو الخدمات الخلفية تقريبًا، ويتم التعامل مع كل ما هو مطلوب لتشغيله وتوسيع نطاق التطبيق الخاص بالمستخدم مع توفير ما يلزم.


لماذا استخدام الخدمات الشاملة لادارة الخوادم (Serverless)؟

تمكّن هذه الخدمة من إنشاء تطبيقات حديثة مع زيادة السرعة وتقليل التكلفة الإجمالية للملكية. يعني إنشاء تطبيقات بدون الحاجة للعناية بمتطلبات الخادم يمكن للمطورين التركيز على منتجهم الأساسي بدلاً من القلق بشأن إدارة الخوادم أو تشغيلها وأوقات التشغيل، إما في السحابة أو في أماكن العمل. يسمح هذا القدر المنخفض من الانشغال للمطورين باستعادة الوقت والطاقة التي يمكن توظيفها على تطوير منتجات كبيرة الحجم وموثوقة

 

ترجمة نقلا عن موقع امازن

   في اطار سعي الامارات العربية المتحدة المتواصل لأحداث عملية التحول الرقمي، عقد يومي الـ 14-15 من شهر تشرين الأول/أكتوبر، المؤتمر السادس للموارد البشرية وسوق العمل بدول مجلس التعاون الخليجي تحت عنوان "سوق العمل الخليجي في ظل نمو الاقتصاد الرقمي" في مركز اكسبو الشارقة في امارة الشارقة، تحت رعاية سمو الشيخ سطلان بن محمد بن سلطان القاسي ولي العهد ونائب حاكم الشارقة وبحضور سمو الشيخ عبد لله بن سالم القاسي، نائب حاكم الشارقة ونائب رئيس المجلس التنفيذي.

 

نقدم في هذا المقال موجزا عن فعاليات المؤتمر والتوصيات التي جاءت في البيان الختامي.

تضمن المؤتمر الى جانب الجلسة الافتتاحية ندوتين حواريتين شارك فيها 8 متحدثين قاموا بعرض نماذج وتجارب تطبيقية ومبادرات خليجية في مجال الموارد البشرية، بالإضافة الى ذلك تم عقد جلستي عمل تضمنتا عرض ومناقشة أوراق عمل.

 

كما شهدت الجلسة الافتتاحية اعلان سعادة رئيس مجلس إدارة غرفة الشارقة اطلاق الغرفة لمبادرة جديدة تستهدف رواد الاعمال وهي مركز المشاريع الصغيرة والمتوسطة (تجارة 101) كما تم تكريم الفائزين في جائزة الشارقة للتوطين الخليجية وتكريم المتحدثين والرعاة، واقيم خلال المؤتمر معرض شملت اجنحته عروض لخدمات وانشطة للعديد من المشاريع الريادية والمراكز التعليمية والأكاديمية.

 

   في ختام فعاليات المؤتمر قدم المجتمعون مجموعة من التوصيات اكدوا من خلالها على أهمية اعلاء قيمة راس المال البشري الخليجي من خلال استثمار القطاعين العام والخاص فيه كما دعى المؤتمرون اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي للاستفادة من مباردة غرفة الشارقة بإنشاء مركز (تجارة 101) من خلال تنظيم ورش عمل متخصصة بالتعاون مع كافة الاتحادات والغرف وأوصوا بدراسة إمكانية تنفيذ مقترح إنشاء جمعية خليجية للموارد البشرية وتنفيذ مقترح تأسيس مجلس شباب اعمال دول مجلس التعاون الخليجي تحت مظلة اتحاد غرف دول مجلس التعاون، وتحفيز العمل المشترك بين القطاعين الخاص والحكومي لمواجهة مفرزات التطورات والمتغيرات في سوق العمل الناجمة عن الثورة الصناعية الرابعة والتي جسدها نمو الاقتصاد الرقمي من خلال الاستفادة من فرص التحول في مجال تسريع خطى التنمية الاقتصادية كما اوصى المؤتمرون القطاع الخاص الخليجي للعمل على تهيئة قدراته لمواكبة التحول نحو الاقتصاد الرقمي من خلال نقل المعرفة وتوفير التسهيلات والبنية التحتية التي تدعم قيام القطاع الخاصة بإدخال التنقيات الرقمية في منتجاته، وختم المجتمعون توصياتهم بدعوة المؤسسات والهيئات التعلمية للعمل على موائمة مخرجات التعليم مع سوق العمل الخليجي والسعي لزيادة الاستثمار في المعرفة.

تختلف الأهداف والغايات من عملية التحول الرقمي من دولة الى أخرى الامر الذي يؤدي الى اختلاف في مسارات التحول ونتائجه، وينجم هذا الاختلاف عن ضرورات موضوعية تفرضها الحالة الاقتصادية لكل دولة، ففي حين تأتي عملية التحول الرقمي في دول مجلس التعاون الخليجي في سياق سياسة تنويع النشاط الاقتصادي والكف عن الاعتماد على الثروات الطبيعية كمورد شبه وحيد للثروة، فإن التحول الرقمي في الدول غير النفطية يأتي كضرورة للإحداث عملية التنمية المستدامة اللازمة لرفع المستويات المعيشية وامتصاص البطالة وجذب الاستثمارات الاجنبية، وان كانت عملية التحول الرقمي تتم عبر استراتيجية عامة توضع عبر الأجهزة الحكومية، فإن متطلبات السوق هي العنصر الأساسي الذي يفرض شكل ومسار التحول الرقمي الذي قد يسبق رؤية واجراءات الحكومة لعملية التحول الرقمي ليأخذ دوراً ريادياً في هذه العملية، وهي حالة المغرب حينما التقط القطاع الخاص زمام المبادرة مبكرا حيث عرفت الشركات الرقمية الناشئة في المغرب نجاحات كبيرة على المستوى القارة الافريقية، ومن امثلة ذلك ما حققته شركة buzzfeed بالعربي للمحتوى الترفيهي و "شييبلي" المتخصصة في أغراض النقل قليل التكلفة و تطبيق "دابادوك" الذي يقوم بالربط بين الأطباء والمرض بغرض حجز المواعيد الطبية، وشركة ميدتراكس Medtrucks  المتخصصة في العيادة الطبية المتنقلة، بالإضافة الى منصات البيع الالكتروني المتنوعة والتي كان اخرها منصة بيع الاعمال الفنية eldon& choukr. 

   ساهمت الشركات الرقمية و منصات البيع الالكتروني وتطور وسائل الدفع الرقمية في رفع تصنيف المغرب في مؤشر التجارة الالكترونية الصادر عن الأمم المتحدة لتحتل المرتبة 81 عالمياً والخامسة افريقيا حيث سجلت التجارة الإلكترونية بالمغرب نمو مطردا، فبعد أن كانت مجمل المعاملات التجارية لا تتخطى حدود الـ 120 مليون دولاراً في عام 2014 وصلت في عام 2017 إلى أكثر من 200 مليون دولاراً بنسبة نمو تصل الى أكثر من 60% لتحقق قفزة جديدة في عام 2018 حيث بلغت حجم المعاملات التجارية الالكترونية حوالي ال300 مليون دولار بمعدل نمو يصل الى 50% عن عام 2017 وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المغربية التي تفيد أيضاً بان 12% من المغاربة قد قاموا بعمليات شراء عبر الانترنت خلال السنة نفسها، ومرد هذا النمو، بالإضافة الى توسع منصات البيع الالكتروني والتشجيع والتسهيلات الحكومية للتجارة الالكترونية، هو ارتفاع نسبة المشتركين بخدمة الانترنت في المغرب حيث تجاوز عدد المشتركين المغاربة في خدمة الانترنت ال 22 مليون مشترك بنسبة 61% من اجمالي عدد سكان وبمعدل نمو 30% عن عام 2016.

 

اما عن الدور الحكومي في عملية التحول الرقمي فيبرز بعدة اتجاهات لعل أهمها الدعم المالي للشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا الحديثة عبر تخصيص صندوق مالي "صندوق المغرب الرقمي" الذي رصد 100 مليون دورهم لدعم الشركات الناشئة، وذلك في اطار استراتيجية "المغرب الرقمي 2020" التي اطلقتها الحكومة المغربية لغرض احداث التحول الرقمي، والتي يمكن تلخيصها أهدافها بما يآتي:

  • إثراء صافي الناتج المحلي ب27 مليار درهم.
  • خلق 26 ألف فرصة عمل جديدة في النشاط الرقمي.
  • تعزيز القدرة التنافسية للمقاولة المغربية.
  • المساهمة في تشجيع نشاط المقاولات في مجال الاقتصاد الرقمي.
  • المساهمة في تنشيط سوق العمل.
  • تشجيع نشر الأدوات الرقمية.

اما على صعيد الخدمات الحكومية الرقمية وفي سياق الاستراتيجية الموضوعة للتحول الرقمي عملت الحكومة المغربية على رقمنة عدد مهم من الخدمات والإجراءات الحكومية كالتصريح الضريبي الإلكتروني للشركات الكبرى والمتوسطة، ومنح ترخيص البناء، ورقمنة الأعمال الجمركية المتعلقة بالاستيراد والتصدير.

رغم تواضع الأرقام السابقة بما يخص التحول الرقمي في المغرب بالمقارنة مع الدول الغربية المتطورة ودول الخليج كالإمارات والسعودية إلا انه يجب الاخذ بالحسبان عامل حجم السوق والامكانيات المادية بالإضافة الى وتيرة النمو المتسارعة حيث يمكن القول ان المغرب يسير بخطوات سريعة في عملية التحول الرقمي يقودها رواد اعمال من الفئات الشابة، وعليه فان الأفق يبقى مفتوحا لتحقيق المزيد من التقدم على هذا الصعيد لا سيما مع ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب وخصوصاً في قطاع التقانة وصناعة السيارات والطاقة البديلة التي تحتل فيها المغرب مكانة ريادية في منطقة الشرق الاوسط الأمر الذي يحتم القيام بالمزيد من الإجراءات لإنجاز عملية التحول الرقمي ويدفع باتجاه زيادة الاستثمار في القطاع الرقمي.

تعتبر القدرة على الوصول الى خدمة الانترنت من اهم محددات التحول الرقمي، اذ لا يمكن الحديث عن نمو الاقتصاد الرقمي دون التوسع في انتشار خدمة الانترنت، اي انه يوجد ارتباط رئيسي بين مدى انتشار خدمة الانترنت وامكانية التحول الرقمي. ولقد شهد العالم العربي في السنوات الاخيرة نموا كبيرا في معدلات انتشار الانترنت وتدفق البيانات. كما وصلت كل من قطر والامارات العربية المتحدة إلى قائمة أفضل عشرة دول من حيث سرعة الانترنت.

يوضح الجدول التالي اعداد مستخدمي الانترنت في العالم عام 2019 ونسبة المستخدمين الى عدد السكان، ومستخدمي موقع "الفيسبوك"  الذي يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي من حيث الانتشار في العالم العربي.

 

تعد نسبة انتشار  خدمة الانترنت في العالم العربي الى اجمالي عدد السكان مرتفعة لاسيما اذا ما قورنت باقاليم اخرى، كدول افريقيا جنوب الصحراء، فيما تعتبر نسبة انتشار الانترنت في دول الخليج العربي من اعلى النسب في العالم، فهي توزاي تلك النسبة الموجودة في اكثر الدول تقدما، كالولايات المتحدة الامريكية (96%) وفرنسا (92 ٪) وألمانيا (96 ٪) وغيرها من الدول المتقدمة. إلا أن انتشار الخدمة الانترنت لا يعني بالضرورة ازدهار الاقتصاد الرقمي، فالامر مرتبط بمجموعة من المحددات المتصلة بهذه الخدمة، كمدى جودة خدمة الانترنت نفسها، ومدى تفعيل الخدمات الحكومية الرقمية في الصحة والتعليم والخدمات العامة، والى اي حد تنتشر ثقافة التعامل الرقمي بين المنتجين والمستهلكين، كل تلك المحددات وغيرها تلعب دورا في ادخال عملية انتشار خدمة الانترنت في اطار التحول الرقمي، اي تجعل منها عملية اقتصادية.

يمكن  العودة إلى سلسلة " العالم العربي خطوات نحو التحول الرقمي" لمعرفة المزيد من الاحصاءات والمعلومات حول واقع الاقتصاد الرقمي في العالم العربي وخطوات التحول.

تواصل الإمارات العربية المتحدة بخطوات ثابتة وسريعة المضي قدماً في عملية التحول الرقمي فقدت حققت قفزات مهمة خلال العامين السابقين فقط ويظهر ذلك في مؤشرات دولية عديدة لعلى أهمها مؤشر التنافسية الرقمية (world competitiveness center) الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بمدينة لوزان السويسرية، حيث قفز ترتيبها حسب التقرير الأخير (2018) من المرتبة ال25 (2016) الى المرتبة ال17 متفوقةً بذلك على العديد من الدول المتقدمة أهمها ألمانيا واليابان وفرنسا.

كما يبرز التقدم الاماراتي في عملية التحول الرقمي من خلال تطوير البنى التحتية الرقمية لاسيما في مجال الإدارات الحكومية المختلفة التي وضعت استراتيجية طويلة الأمد تهدف الى انجاز عملية التحول الرقمي بمواصفات عالمية عبر خطة "نموذج الامارات لنضج الحكومة الرقمية" التي تم الإعلان عنها في ابريل/نسيان 2018 وتأتي هذه الخطة في اطار استراتيجية عامة وشاملة للتحول نحو الاقتصاد الرقمي الى جانب الخطط الاستراتيجية الأخرى في مجالات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والتعاملات الرقمية (بلوك تشين) والاستراتيجية الوطنية للابتكار ويظهر اهتمام وجدية العمل الحكومي والخاص عبر الانفاق الضخم في القطاعات الرقمية الذي وصل في عام 2018 الى 17 مليار دولار امريكي(بنسبة نمو 3% عن عام 2017 ) و يعادل الانفاق الاماراتي في القطاعات الرقمية 27% من اجمالي انفاق دول الخليج مجتمعه وهي بذلك تحتل المرتبة الخامسة في الانفاق الرقمي بين دول منطقة الشرق الأوسط.

انعكس التخطيط السليم والانفاق الكبير على حجم مساهمة الاقتصاد الرقمي في إجمالي الناتج المحلي الإماراتي الذي بلغ 4,5% في عام 2018، وتطمح الحكومة الإماراتية حسب الاستراتيجية الموضوعة بأن تصل مساهمة الاقتصاد الرقمي في إجمالي الناتج المحلي الـى 5% بحلول عام 2021، ومن المرجح أن يحقق الاقتصاد الرقمي في الامارات نمواً أكثر من المخطط له في عام 2021 فهو ينمو بأضعاف عن نمو الاقتصاد التقليدي حسب دائرة التنمية الاقتصادية في أبو ظبي، وتأتي خطة الامارات للتحول نحو الاقتصادي الرقمي بهدف زيادة الفرصة الحقيقية للاستثمار الأجنبي والمحلي على اعتبار ان الاقتصاد الرقمي اليوم هو الركيزة الأساسية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فبيئة الاعمال الرقمية تساهم في نقل رؤوس الأموال البشرية والمادية، ولقد حققت الامارات نجاحا كبيرا في تحولها لنقطة استقطاب للشركات الناشئة لاسيما تلك الشركات التي تعتمد على البنية التقنية الحديثة في تقديم الخدمة و التفاعل مع الزبائن، اي وفقا لنموذج الاعمال الرقمي لذلك لا عجب بان تستحوذ الامارات على 35% من اجمالي عدد الشركات الناشئة في العالم العربي في عام 2018 اختيرت منها 21 شركة ناشئة من اصل 100 شركة عربية من قبل المنتدى الاقتصاد العالمي كشركات تمثل الثورة الصناعية الربعة في العالم العربي.

اما على صعيد التجارة الإلكترونية فقد بلغ حجمها حوالي الـ 16 مليار دولاراً في عام 2018 ومن المتوقع أن يصل إلى 27.1 مليار دولاراً بحلول عام 2022 وفقا لمؤشر وكالة "فيتش" للتجارة لإلكترونية حيث توقعت الوكالة نمواً سنوياً للتجارة الإلكترونية في الإمارات بمعدل 28%.

لا تقتصر مظاهر التحول الرقمي في الإمارات العربية المتحدة على الجانب الاستثماري والتجاري بل يمتد إلى العمل الحكومي حيث تشير الإحصاءات الرسمية بأن 40% من الإماراتيين يستخدمون خدمات الحكومة الإماراتية مرتين على الأقل أسبوعياً حيث تسعى الاستراتيجية التي تقودها الحكومة الإماراتية بالتشارك مع القطاع الخاص لنقل خدمات الحكومة الإلكترونية إلى الهواتف الذكية حيث تصل نسبة مستخدميه إلى 100% وهي النسبة الأعلى في العالم.

   تشير المعيطات السابقة  إلى البيئة الاعمال المشجعة على الاستثمار في عملية التحول الرقمي و الإمكانيات الواعدة مستقبلاً للاستثمارات المحلي والاجنبي في الاقتصاد الرقمي الاماراتي.

 

أدى الانتشار الكثيف للمعلومات عبر شبكة الانترنت، وفي ظل تنوع المرجعيات العلمية، الى ايجاد فوضى معرفية حول العديد من المفاهيم العلمية المنتشرة عبر الشبكة، ولعل المفاهيم المرتبطة بالعلوم الاجتماعية كانت الأكثر عرضة للفوضى المعرفية التي تسبب سوء فهم وخلط مفاهيمي، فبخلاف العلوم التطبيقية فإن العلوم الاجتماعية تعتمد على الفهم الذاتي المستمد من الواقع المعاش وهو ما يختلف من بقعة جغرافية الى أخرى ناهيك عن المشكلات المتعلقة بالترجمة والمعاني المختلفة التي تحملها اللغات والنظم الاجتماعية المتنوعة، ولقد كان لمفهوم الاقتصاد الرقمي نصيبه من سوء الفهم هذا. نحاول في هذا المقال الوصل الى فهم أفضل لمفهوم الاقتصاد الرقمي وأهم مظاهره والفرص الاستثمارية التي قد يخلقها لرواد الأعمال في العالم العربي.

 

من اقتصاد المعرفة الى نموذج أعمال جديد

قبل حوالي العقد من الآن سيطر مفهوم اقتصاد المعرفة للإشارة للتحولات التي أحدثتها تكنولوجيا المعلومات وسرعة ومدى الاتصال عبر الانترنت الذي أحدث بدوره تحولاً في طبيعة القيمة والنشاط الاقتصادي المبني على المعرفة وليس على عملية الإنتاج الكثيف وعوامل الإنتاج الأخرى (الطبيعة, رأس المال) حيث أصبحت المعرفة المتمثلة بالعامل البشري المورد الأعلى ثمناً في إنتاج الثروة من خلال قدرتها على إبداع الابتكارات العلمية التي من الممكن أن تحقق أرباحاً مرتفعة دون الحاجة لتوفر رأس مال مالي ضخم فمن أهم خصائص اقتصاد المعرفة أن تكلفة إعادة إنتاج المنتج تكون منخفضة جداً (كإعادة نسخ البرمجيات الجديدة لبيعها مع الاحتفاظ بحق الملكية الفكرية لها) وبالرغم من عدم حداثة هذا المفهوم حيث بدء استخدامه منذ منتصف القرن العشرين إلا أن التطورات المتلاحقة في حجم ونوعية الاتصالات الشبكية والتكنولوجية جعلت من عملية استخدامه أكثر إلحاحاً، وعادةً ما تقدم شركة مايكروسوفت وابل وغيرها من الشركات البرمجية على أنها نماذج عن اقتصاد المعرفة أما الاقتصاد الرقمي فهو الاقتصاد الذي يعتمد على استخدام التكنولوجيا الرقمية التفاعلية والخدمات الالكترونية لتغيير الأعمال وتأسيس نماذج أعمال جديدة تعتمد على التكنولوجيا بشكل أساسي لتحفيز الإنتاجية في القطاعات المختلفة بما ينعكس على تطور الاقتصاد وبناء مجتمع جاذب للشركات والأعمال والأفراد والاستثمار والمعرفة، اذاً ما هو الاختلاف بين المفهومين السابقين؟ يظهر الاختلاف بالانتقال نحو نموذج العمل الجديد الذي يحدثه الاقتصاد الرقمي فالتحول الرقمي يمكن أن يحدث في أي منشأة مهما كانت طبيعة عملها وذلك من خلال الاستفادة من الفرص التي يُتيحها الاتصال السريع وتطبيقات الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات التفاعلية التي تجعل من عملية الإنتاج والإدارة والترويج مرقمنة وتفاعلية مع المستهلكين. باختصار هو تحول جذري في نموذج العمل إلى نموذج عمل جديد يواكب البيئة التكنولوجية الحديثة وبهذا المعنى يمكن لمحال الوجبات السريعة أن تكون جزءً من الاقتصاد الرقمي أي أن تعمد للتحول الرقمي من خلال التغيير الشامل في نموذج عملها، وهو ما يشكل الفرق الجوهري بين مفهوم الاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة ومصطلحات أخرى كاقتصاد الانترنت (القيمة الاقتصادية المستمدة من الاتصال على الانترنت كالتجارة الإلكترونية) فالتحول الرقمي يعد المظلة التي تشتمل على المفاهيم الأُخرى من قبيل اقتصاد المعرفة والتجارة الإلكترونية واقتصاد الانترنت كما يمكن اعتبار الثورة الصناعية الرابعة التي تشكل البيانات الكبيرة، وانترنت الأشياء، وتطبيقات الهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والحوسبة السحابية الشق المادي للاقتصاد الرقمي الذي يمكن أن يحدث في أي نوع من المشاريع باختلاف نوعية نشاطها سواء اكان خدمي أو سلعي.

 

   إن التحول الرقمي يجب أن يكون عملية شاملة واستراتيجية وليس مجرد تغيير تكتيكي في أحد نشاطاتها، وعلى الرغم من أن بعض المنظمات والأفراد يستخدمون التقنيات لمجرد تنفيذ المهام الحالية على الكمبيوتر، فإن الاقتصاد الرقمي أكثر تقدماً من ذلك. وهو لا يستخدم ببساطة جهاز كمبيوتر لإجراء المهام بصورة تقليدية كان يتم إجراؤها يدوياً أو على أجهزة تمثيلية كإحلال البرامج المحاسبية بدلاً من المحاسبة الورقية. فالتحول الرقمي في قطاع الخدمات لم يعد يعني التجارة الإلكترونية بمفهومها التقليدي بل تذهب الرقمنة الخدمية إلى ما هو أبعد من ذلك فهي تعني القدرة على التفاعل مع الزبون من خلال تحليل البيانات الخاصة به ومعرفة تفضيلاته وتقديم النصائح والارشادات له عبر تطبيقات الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات التفاعلية.

 

وهنا يُطرح التساؤل هل التحول إلى نموذج الأعمال الرقمي ضرورة؟ أي لماذا يجب على الشركات التي لم تتحول بعد إلى النموذج الرقمي أن تجري هذه العملية؟ يكمن الجواب بالتكلفة والمنافسة فمكننة الإجراءات الداخلية واستخدام التكنولوجيا الحديثة تخفض من تكاليف الشركة في المدى البعيد، فحسب موقع TechCrunch المختص بقضايا الاقتصاد الرقمي فإن شركة علي بابا، أكبر شركات التجارة الإلكترونية لا تملك أي مخازن، كما ان Uber، أكبر شركة سيارات أجرة في العالم، لا تملك أي مركبات. وAirbnb، أكبر شركات تأجير العقارات، لا تملك أي عقارات وكما هو معروف فإن فيسبوك، صاحب أكبر شبكة تواصل اجتماعي حول العالم لا يخلق أي محتوى.

إن نموذج العمل الذي تقوم عليه تلك الشركات هو بالذات ما منحها الميزة التنافسية في السوق فالزبائن اليوم تبحث عن الشركات التي تسهل وتخفض من تكلفة تقديم الخدمة لها وتمنحها القدرة التفاعلية في اختيار الخدمات أو المنتجات التي تقدمها. فالشركات المنافسة تعمل على تحديث منتجاتها أو تحديث الطريقة التي تقدم فيها تلك المنتجات وإشراك الزبائن في اختيار عملية تقديم تلك الخدمة أو المنتج أي تقدم مزايا إضافية للزبون تدفعه للتخلي عن منتجات أو خدمات الشركات التقليدية التي اعتاد الشراء منها وبالتالي سوف تخسر تلك الشركات زبونها الحالي وزبائن محتملين أي تنخفض حصتها في السوق، بل وربما تخرج من السوق بشكل نهائي، وهو ما حدث فعلاً للعديد من الشركات خاصةً في الدول المتقدمة، ففي قطاع الخدمات على سبيل المثال خرجت الكثير من وكالات الحجوزات والرحلات السياحية ومكاتب تأجير السيارات والعقارات التي تعمل وفق الطرق التقليدية من السوق بعد أن حلت مكانها الشركات التي تعمل وفقاً لنموذج الأعمال الرقمي أو تلك التي تحولت لذلك النموذج فهي وبخلاف الشركات التقليدية، تمتلك منصات تفاعلية مع الزبائن وتطبيقات برمجية تعمل على الهواتف الذكية حيث أصبحت تقدم خدماتها عبر الانترنت وباستخدام الخوارزميات والذكاء الصناعي التي جعلت من الزبون أكثر قدرة على معرفة تفاصيل الخدمة المقدمة ومنحته خيارات أوسع من ناحية انتقاء شكل ونوع الخدمة. فالرحلات السياحية التي كانت تنظمها الشركات التقليدية كانت مجهولة من قبل الزبون أما اليوم فبإمكانه اختيار الحجوزات التي تناسبه ومسار رحلته فقط عبر بضعة ضغطات على المنصات التفاعلية، وهنا يبرز التحول الرقمي في قطاع الخدمات بشكل واضح حيث انتفت الحاجة لشركات الوساطة التقليدية وحل مكانها الشركات الرقمية الرائدة التي تربط أصحاب الخدمة (مالكي الأصول، عقارات وسائل نقل البضائع...) والزبائن.

 

نحو اقتصاد جديد

نحيا اليوم في عصر التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي احدثتها ثورة علمية وتقنية جارفة فإن البقاء على الطرق التقليدية في العمل أصبحت تعني بالضرورة الخروج من السوق بعد فترة قد لا تطول فسرعة انتقال التكنولوجيا لم تعد تسمح للطرق القديمة بالاستمرار لوقت طويل كما كان قبل عصر الثورة التكنولوجية، فإذا كنت من أصحاب مشاريع بيع التجزئة ولا تتوفر لديك منصات لعرض المنتجات على شبكات التواصل الاجتماعي وموقع خاص على الانترنت فإنك سوف تكون بالكاد مرئي لمعظم الزبائن المحتملين لمنتجاتك، فالمستهلك اليوم لم يعد يبحث عن المعلومات المتوفرة في السوق (وفقا للمفهوم التقليدي للسوق) فالسوق قد انتقل لمكان اخر، والمقصود بذلك طبعا هو الانترنت.

 

إن الانتقال نحو رقمنة النشاط الاقتصادي أصبحت ضرورة لرجال الأعمال التقليديين كما تشكل في الوقت نفسه فرصة لرواد الأعمال العصريين في البدء بمشروعهم الريادي القائم على الرقمنة فالأسواق العربية تعتبر أرض خصبة وغير مستثمرة في الوقت نفسه لهذا النوع من الاستثمارات الريادية مع عدد مستخدمين لشبكة الانترنت يصل الى 266 مليون مستخدم وبمعدلات نمو في عدد المستخدمين هي الأعلى في العالم كما تشير التقديرات الى تضاعف معدل تدفق البيانات عبر الحدود التي تربط الشرق الأوسط ببقية دول العالم خلال العقد الماضي بما يتجاوز 150 ضعفًا بالرغم من ان استخدم الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية عموما قائم على تداول الاخبار والتواصل والترفيه أي مازال استهلاكيا بالدرجة الأولى لكن وبالرغم من سلبية نوعية الاستخدام إلا انها تعني أيضا وجود فرص متاحة وغير مستثمرة، بالمقابل تبدي بعض الدول العربية ولا سيما دولة الامارات العربية المتحدة تقدما ملحوظا نحو الانتقال الرقمي مع وصول نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي من اجمالي الناتج المحلي الى 4.3% (إحصاءات عام 2017) مع نمو مرتفع يفوق باقي القطاعات الاقتصادية، كما وصل عدد مستخدمي الهواتف الذكية في الامارات الى 100% منهم 72% يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي وهي معدلات تفوق نظيرتها في الولايات المتحدة الامريكية، كما اطلقت عدد من دول مجلس التعاون الخليجي كالبحرين والسعودية عدد من المبادرات المعنية بالتحول الرقمي.

 

إن رائد الأعمال بحاجة دائماً للبقاء على تواصل مع آخر الابتكارات العلمية كما يجب أن يتصف بالجرأة والاستعداد للتجريب وهو بالذات ما يفتقره العالم العربي لاسيما على المستوى الاقتصادي، فالتجريب هو أساس الابتكار، فيمكن لتلك التجربة أن تكون بدايتك لإطلاق مشروعك الريادي.


 

 

About Us

Enjoy the power of entrepreneurs' platform offering comprehensive economic information on the Arab world and Switzerland, with databases on various economic issues, mainly Swiss-Arab trade statistics, a platform linking international entrepreneurs and decision makers. Become member and be part of international entrepreneurs' network, where business and pleasure meet.

 

 

Contact Us

Please contact us : 

Cogestra Laser SA

144, route du Mandement 

1242 Satigny - Geneva

Switzerland

We use cookies on our website. Some of them are essential for the operation of the site, while others help us to improve this site and the user experience (tracking cookies). You can decide for yourself whether you want to allow cookies or not. Please note that if you reject them, you may not be able to use all the functionalities of the site.