fbpx

وفقا لتقرير اصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، يتناول فيه آثار الاقتصاد الرقمي، وبخاصة في البلدان النامية بالنظر الى التطورات الهائلة التي يشهدها العالم. حيث غيرت الثورة الرقمية حياتنا ومجتمعاتنا بسرعة لم يسبق لها مثيل، وهو ما يفتح الطريق لفرص هائلةً ولكن يشكل تحديا مخيفا في نفس الوقت. حيث ينظر الى التكنولوجيات الجديدة كوسيلة لتحقيق مساهمات ضخمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولكن يحذر التقرير من أن الوصول الى النتائج الإيجابية لا يمكن تحقيقه دون تضافر الجهود الدولية والتعاون الدولي، هذا إذا ما أردنا الانتفاع الكامل من إمكانات التكنولوجيا الرقمية الاجتماعية والاقتصادية وتجنب الآثار غير المرغوب فيها.

ومن ميزات الاقتصاد الرقمي هو أنه يمكن استخدام البيانات الرقمية لأغراض إنمائية ولحل المشاكل المجتمعية، بما فيها تلك التي تتعلق بأهداف التنمية المستدامة. ويمكنها بذلك أن تساعد على تحسين النتائج الاقتصادية والاجتماعية، وأن تصبح قوة محركة للابتكار ونمو الإنتاجية. ومن منظور الشركات، يمكن لتحول جميع القطاعات والأسواق عن طريق الرقمنة أن يعزز إنتاج سلع وخدمات على مستوى أعلى من الجودة بتكاليف منخفضة.

لقد ولد التقدم الرقمي ثروة طائلة في وقت قياسي، ولكن بقيت هذه الثروة متركزة في مجموعة صغيرة من الأفراد والشركات والبلدان. وفي ظل السياسات الراهنة فمن المرجح أن تزداد ظاهرة عدم المساواة، خاصة مع وجود الفجوة الرقمية، ويعاني أكثر من نصف العالم من محدودية الفرص بسبب انعدام الاتصال بالإنترنت. ومن هنا يعتبر الشمول أمرا ضروريا لبناء اقتصاد رقمي يخدم الجميع.

تؤدي التكنولوجيات الجديدة، وبخاصة الذكاء الاصطناعي، إلى تحول كبير في سوق العمل، ويشمل ذلك اختفاء فرص عمل في بعض القطاعات، وإيجاد فرص جديدة في قطاعات أخرى على نطاق واسع. وسيتطلب الاقتصاد الرقمي مجموعة من المهارات الجديدة والمختلفة، وجيلاً جديداً من سياسات الحماية الاجتماعية، وعلاقة جديدة بين العمل والترفيه.

بحث التقرير آثار الاقتصاد الرقمي الناشئ على البلدان النامية من حيث استحداث القيمة واغتنامها. وسلط الضوء على المحركين الرئيسيين لاستحداث القيمة في المجال الرقمي - وهما البيانات الرقمية وإنشاء المنصات - وكيفية الاستعاضة عن الاتجاهات الراهنة لتركيز الثروة بمسارات تؤدي إلى تبادل مكاسب الرقمنة بطريقة أكثر إنصافاً.

وبالنظر الى أننا لا نزال نعيش بكورة التحول الرقمي، فان هناك العديد من الأسئلة عن كيفية التصدي للتحدي الرقمي. وبالنظر إلى غياب الإحصاءات والأدلة المستمدة من التجربة في هذا الشأن، فضلاً عن سرعة وتيرة التغير التكنولوجي، يواجه اصحاب القرار هدفاً متحركاً وهم يحاولون اعتماد سياسات سليمة فيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي.

أولى التقرير اهتماماً خاصاً للفرص السانحة أمام البلدان النامية لكي تستفيد من الاقتصاد الرقمي المستند إلى البيانات باعتبارها بلداناً منتجة ومبتكرة لا سيما فيما يتعلق بالبيانات الرقمية والمنصات الرقمية. وقد تسببت الرقمنة في ظهور تحديات أساسية لمقرري السياسات في البلدان على كافة المستويات التنموية. وتتطلب التطورات الرقمية سياسات مبتكرة وتعاوناً أكبر على الصعيد العالمي تجنباً لاتساع الفجوة في الدخل بين الدول والافراد.

يعود توسع الاقتصاد الرقمي الى عاملين رئيسيين:

  • البيانات الرقمية
  • المنصات الرقمية

يواصل الاقتصاد الرقمي تطوره بسرعة مذهلة مدفوعا بالقدرة على جمع واستخدام وتحليل كميات ضخمة من المعلومات التي تستطيع الآلة قراءتها (البيانات الرقمية). وتنشأ هذه البيانات عن الأنشطة الشخصية والاجتماعية والمتعلقة بالأعمال التجارية في مختلف المنصات الرقمية. فالحركة على الشبكة العالمية (الإنترنت)، وهي وسيلة من وسائل تدفق البيانات، نمت من نحو 100 غيغابايت يوميا في عام 1992 الى أكثر من 45 الف غيغابايت في الثانية في عام 2017، ومن المتوقع أن تصل الحركة على الشبكة العالمية الى اكثر من 150 الف غيغابايت في الثانية بحلول عام 2022 تغذيها أعداد متزايدة لمن سيتصلون بالإنترنت للمرة الأولى والتوسع في إنترنت الأشياء.

تعتبر المنصات الرقمية المحرك الثاني. حيث ظهر في العقد الماضي العديد من المنصات الرقمية في شتى انحاء العالم. تستخدم هذه المنصات نماذج أعمال مستندة إلى البيانات، وأحدثت، في أعقاب ظهورها، اضطراباً في الصناعات القائمة. وتظهر قوة المنصات في أن سبعة من أكبر الشركات الثمانية في العالم تستخدم نماذج أعمال قائمة على المنصات. وتوفر المنصات الرقمية الآليات اللازمة للجمع بين عدة أطراف ليتفاعلوا على الإنترنت. ويمكن التمييز بين منصات المعاملات ومنصات الابتكار. أما منصات المعاملات، فهي أسواق ثنائية/متعددة الجوانب تمتلك هيكلاً أساسياً على الإنترنت يدعم المبادلات بين عدد من الأطراف المختلفة. وقد أصبحت نموذج أعمال رئيسياً للشركات الرقمية الكبرى مثل إيباي (eBay) وفيسبوك (Facebook) علي بابا (Alibaba) أمازون (Amazon) ديدي تشو شينغ ( (Didi Chuxingأوبر ((Uber او (Airbnb) وأما منصات الابتكار، فهي تهيئ بيئات لمنتجي الشفرة المصدرية أو المحتوى من أجل تطوير تطبيقات وبرمجيات في أشكال مثل نظُم التشغيل (أندرويد أو لينكس).

 

تطوير الاقتصاد الرقمي غير متكافئ إلى حد كبير من الناحية الجغرافية

يسود العالم اليوم فجوة واسعة بين البلدان التي لا يتوفر لديه التوصيل الرقمي والبلدان الفائقة الرقمنة. على سبيل المثال واحد من بين كل خمسة أشخاص في أقل البلدان نمواً يستخدم الإنترنت في مقابل أربعة من بين كل خمسة أشخاص في البلدان المتقدمة.

كما أن أفريقيا وأمريكا اللاتينية تستحوذان معاً على أقل من 5 في المائة من مراكز البيانات المشتركة في موقع واحد. وإذا لم يجر التصدي لهذه الفجوات، فإنها ستؤدي إلى تفاقم التفاوتات في الدخل. ولهذا اصبح من الضروري النظر في كيفية تأثر البلدان النامية بهذا التطور من حيث استحداث القيمة واغتنامها، وما ينبغي عمله لتحسين الوضع الراهن.

من جهة أخرى يستحوذ كل من الولايات المتحدة والصين على 75 في المائة من جميع براءات الاختراع المتعلقة بتكنولوجيات سلاسل الكتل (blockchain)، و 50 في المائة من الإنفاق العالمي على إنترنت الأشياء، وأكثر من 75 في المائة من السوق العالمية للحوسبة السحابية العامة. ولعل أكثر ما يثير الدهشة أنها تستحوذ على 90 في المائة من قيمة الرسملة السوقية لأكبر 70 منصة رقمية في العالم. وتبلغ حصة أوروبا 4 في المائة، وأفريقيا وأمريكا اللاتينية معاً 1 في المائة فقط. وتستأثر سبع منصات (Tencent) وغوغل، وفيسبوك، وأبل وأمازون، ومايكروسوفت وعلي بابا - بثلثي القيمة السوقية الإجمالية. وهكذا، فإن بقية العالم، وبخاصة أفريقيا وأمريكا اللاتينية، يقبع في ذيل القائمة خلف الولايات المتحدة والصين فيما يتعلق بالعديد من التطورات التكنولوجية الرقمية.

تحويل البيانات إلى ذكاء رقمي هو العامل الرئيسي للنجاح

لقد أصبحت البيانات مورداً اقتصادياً جديداً لاستحداث القيمة واغتنامها فضلا عن كونها توفر ميزة تنافسية. وللبيانات الرقمية أهمية جوهرية لجميع التكنولوجيات الرقمية السريعة البزوغ، مثل تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، وجميع الخدمات القائمة على الإنترنت.

ويمكن أن تستفيد الشركات المحلية في البلدان النامية من الخدمات التي تتيحها المنصات العالمية. وفي بعض الحالات، يمكن أيضاً أن تعطي المعارف المحلية ميزة للمنصات الرقمية فتتمكن من تقديم خدمات مصممة خصيصاً لاحتياجات المستخدمين المحليين. ومع ذلك، ونظراً لديناميات المنافسة المبينة أعلاه، تواجه منصات البلدان النامية التي تسعى إلى توسيع نطاقها عامةً معارك ضارية. وتكمن المشكلة في هيمنة المنصات الرقمية العالمية، وتحكمها في البيانات، فضلاً عن قدرتها على استحداث ما يترتب على ذلك من قيمة واغتنامه، مما يزيد من تركز القوة وزيادة التفاوت بين البلدان وداخلها بدلاً من تقليصها.

ثمة حاجة لصياغة سياسات لكي ينجح الاقتصاد الرقمي في العمل لصالح الجميع، لا لصالح القلة

ليست التكنولوجيا قاطعة النتائج. فهي تهيئ فرصاً وتطرح تحديات على حد سواء. والأمر متروك للحكومات، بالتحاور عن كثب مع أصحاب المصلحة الآخرين لتشكيل الاقتصاد الرقمي بتحديد قواعد اللعبة.

ويتطلب تطور الاقتصاد الرقمي تفكيراً اقتصادياً وتحليلات سياساتية غير تقليدية، بحيث تضع الاستجابات السياساتية في الاعتبار تراجع الحدود الفاصلة بين القطاعات بسبب التحول إلى الخدمات، فضلاً عن زيادة صعوبة إنفاذ القوانين والأنظمة الوطنية فيما يتعلق بالتجارة العابرة للحدود خاصة الخدمات والمنتجات الرقمية.

وبينما يمكن التصدي لبعض المسائل عن طريق السياسات والاستراتيجيات الوطنية، سيتطلب الطابع العالمي للاقتصاد الرقمي مزيدا من التعاون والتحاور وبناء التوافقات ورسم السياسات على المستوى الدولي. ان هناك حاجة لسياسات وطنية كونها تؤدي دوراً حيوياً في تحضير البلدان لاستحداث القيمة واغتنامها في العصر الرقمي.

وبالنظر إلى طابع الرقمنة المشترك بين عدة قطاعات، فمن المهم وجود استجابة من الحكومات لصياغة سياسات تهدف إلى تأمين الفوائد والتصدي للتحديات، ويشكل إعطاء دفعة لتنظيم المشاريع في القطاعات الرقمية والمستندة إلى الرقمنة عاملاً رئيسياً لاستحداث القيمة على الصعيد المحلي. ويواجه منظمو المشاريع الرقمية في العديد من البلدان النامية حواجز مختلفة أمام توسيع نطاق أنشطتهم، وخاصة المنافسة الرقمية العالمية حيث تستحوذ شركات عالمية على فئات المنتجات الرقمية الأكثر قابلية لتوسيع النطاق.

بالنسبة لأغلبية البلدان النامية قد تكمن فرص السوق بصفة خاصة في الأسواق الرقمية المحلية و/أو الإقليمية للسلع والخدمات. ويمكن أن تسعى السياسات إلى تحفيز مجموعات مختلفة داخل منطقة ما على إنشاء قواعد معرفة تقنية تكميلية ومتعمقة.

التوصيات

يوصي التقرير الحكومات بتقليل التركيز على مسابقات البرمجة الحاسوبية الجماعية (Hackathon) ومعسكرات التدريب (bootcamps) أو المشاريع الرفيعة المستوى (مثل المجمعات التكنولوجية) وأن تكثف الجهود لتعزيز الاستحداث الضمني للمعرفة عن طريق برامج التوجيه، والتدريب المهني، والتلمذة الصناعية، والتدريب الداخلي.

 

سياسات تسخير البيانات الرقمية

عندما يتعلق الأمر باستحداث القيمة فان البلدان التي لديها قدرات محدودة على تحويل البيانات الرقمية إلى ذكاء رقمي وفرص تجارية في موقف ضعيف جدا. وللحيلولة دون زيادة الاعتماد على الغير في الاقتصاد العالمي المستند إلى البيانات، ينبغي أن تسعى استراتيجيات التنمية الوطنية إلى الترويج للتحديث الرقمي (إضافة القيمة) في سلاسل القيمة، وتعزيز القدرات المحلية لـ "تحسين نوعية" البيانات.

كما يتطلب الأمر سياسات وطنية لتحسين إمكانية اغتنام الفرص والتصدي للمخاطر والتحديات المرتبطة بالتوسع في البيانات الرقمية. كما يتطلب سياسات لتخصيص ملكية البيانات والتحكم فيها؛ وبناء ثقة المستهلك وحماية خصوصية البيانات، وتنظيم تدفقات البيانات عبر الحدود، وبناء المهارات والقدرات ذات الصلة لتسخير البيانات الرقمية لأغراض التنمية.

العصر الرقمي يتطلب تحديثا لسياسات المنافسة وفرض الضرائب

نظراً للآثار الشبكية والميل إلى تركيز الأسواق في الاقتصاد الرقمي، سوف يتعين أن تؤدي سياسة المنافسة دوراً أهم في سياق استحداث القيمة واغتنامها. ويتعين تعديل الأطر القائمة لتوفير أسواق تنافسية وحرة في العصر الرقمي. ويستند النهج السائد حالياً في لوائح مكافحة الاحتكار إلى قياس الضرر الواقع على المستهلكين في شكل أسعار مرتفعة. وينبغي توسيعه ليشمل النظر، على سبيل المثال، في خصوصية المستهلك، وحماية البيانات الشخصية، واختيار المستهلك، وهيكل السوق، وتكاليف تغيير مقدمي الخدمات، والآثار الناجمة عن تجميد المعاملات. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي وضع سياسة مناسبة للمنافسة وإنفاذها داخل الإطار الإقليمي أو العالمي.

ولعل الجهود المبذولة على الصعيدين الإقليمي والعالمي أكثر فعالية في التصدي للممارسات التعسفية، وفي كفالة فتح المنصات المهيمنة أمام الشركات المحلية والإقليمية في ظل أحكام وشروط عادلة.

ويشكل فرض الضرائب شاغلاً رئيسياً آخر لاغتنام القيمة. وتعيد البلدان التفكير في كيفية توزيع الحقوق الضريبية لمنع احتمالات فرض ضرائب غير كافية على المنصات الرقمية الرئيسية في الاقتصاد الرقمي السريع التطور. ولما كانت البلدان النامية بصفة رئيسية أسواقاً للمنصات الرقمية العالمية، وكان مستخدموها يساهمون بقوة في توليد القيمة والأرباح، فينبغي أن تتمتع السلطات في هذه البلدان بالحق في فرض الضرائب على هذه المنصات. ومع تطور المشهد الضريبي في السنوات المقبلة، من الضروري ضمان مشاركة البلدان النامية مشاركة أوسع وأشمل في المناقشات الدولية المتعلقة بفرض الضرائب على الاقتصاد الرقمي.

لم تعد مسألة الانعكاس الشامل للتحول الرقمي على عالم الاعمال محطة للجدال، بل أصبحت أمر بديهياً بالنسبة للمشتغلين في السوق، فالتحول الرقمي يمكن ان يعكس جميع العلميات التي تستخدم التكنولوجيا الرقمية للاستجابات للمتغيرات في عالم الاعمال ومتطلبات السوق، وعليه فإنه يمكن الانطلاق طرح الأسئلة الآتية: ما هو بالتحديد الدافع الأساسي للشركات للتحول الرقمي؟ كيف يقوم رؤوس قسم المعلومات بقيادة الشركات لمبادرات التحول الرقمي على نطاق واسع؟ وماذا يمكن ان تعلمنا اتجاهات التحول الرقمي حول الكيفية التي يسير بها العالم بخطى متسارعة؟ يحاول التقرير الصادر عن "MuleSoft" الاجابة عن هذه الأسئلة عبر تحليله للاتجاهات السبعة للتحول الرقمي الذي سوف تشكل عام 2020 كما جاء في عنوان التقرير الذي سوف نعرض فيما يأتي اهم ما جاء فيه.

 

أولاً: تجربة المستهلك

باتت الشركات اليوم بحاجة الى حل مشكلات وتعقيدات تكنولوجيا المعلومات بهدف فتح الطريق لإيصال التجارب المخصصة لعملائهم الى الشركاء ومن الشركاء الى الموظفين ومنهم الى المطورين. أي وضع سلسلة مترابطة تبدأ بتجربة العملاء للخدمة/ المنتج المقدم من قبل الشركة لتمر عبر طرف ثالث، والمقصود به الشركات المختصة التي تقوم بجمع وتحليل بيانات تجربة العملاء، وتعيد تقديمها الى موظفي الشركة لتنتهي بمطوري الخدمة، وبهذه العملية فقط تستطيع الشركات الاستفادة من الخبرة التي تكتسبها بعد تعاملها لفترة ما مع الزبائن.

   يرى التقرير ان "تجربة العملاء" تشكل جوهر عملية التحول الرقمي وليس من المستغرب ان يصل معدو التقرير الى هذه النتيجة فاستنادا الى البيانات التي يعرضها التقرير فإن 76% من المستخدمين يعتقدون بانه ينبغي على الشركات ان تفهم توقعاتهم واحتياجاتهم و75% منهم يفضلون التعامل مع شركات تعرف أسمائهم وتاريخ مشترياتهم وتقترح عليهم منتجات بناءً على تفضيلاتهم كما اشار 69% من المستهلكين بانهم سوف يضعون في الاعتبار تغيير مزودي الخدمات الذين لا يوفرون التجربة المستهلك، أي ان الشركات التي لا تعتمد على تجربة العملاء في عملها مهددة في المستقبل بخسارة حوالي الثلثين من حصتها السوقية لصالح شركات أخرى توفر خدمة تجربة العملاء، كما ان تطوير خدمة تجربة العملاء لتكون اكثر فعالية يشكل امر حاسماً بالنسبة للعملاء، إذ يعتقد 81% بان الشركات لا تقدم خدمة تجربة العملاء.

كما ابد 65% من المستهلكين رغبتهم باستخدام وسائل تواصل مع شركة غير تقليدية كخدمات المراسلة عبر "واتس آب" و"فيس بوك مسنجر" للتفاعل مع منظماتهم.

الملفت أيضا، بما يتعلق باستطلاع اراء المستهلكين حول تجربة العملاء، هو ميل جيل الألفية الى مشاركة بياناتهم الخاصة مقابل الحصول على خدمات تلاقي تفضيلاتهم الشخصية، حيث ابدا 61% من المستخدمين في الفئة العمرية ما بين (18-34) سنة رغبتهم في مشاركة بيانات عمليات الشراء مع طرف ثالث مقابل حصولهم على خدمات تلاقي تفضيلاتهم الشخصية.

كما ابدا 79% من جيل الألفية استعدادا أكثر للشراء من علامات تجارية تمكنهم من الحصول على خدمات عبر تطبيقات الهواتف المحمولة.

اما على صعيد عمل الشركات، فتشير البيانات بان 71% من صانعي القرارات في تكنولوجيا المعلومات يعتبرون نقل تجربة العملاء من أهم أهدافهم، كما أعرب 93% من قادة الاعمال بان نقل التجربة الموثوقة للعملاء سوف تكون امراً حاسماً لأداء أعمالهم في السنتين القادمتان من الان.

يقدم التقرير عدد من الأمثلة تجربة العملاء التي تم تطبيقها على ارض الواقع في قطاعات مختلفة، منها ما قدمته شركة Walmart التي حازت مؤخرًا على براءة اختراع لتقنية التسوق الافتراضي عبر استخدام سماعات وقفازات محملة بأجهزة الاستشعار للتفاعل مع متجر Walmart، وخدمة ""Online Store Stock التي قدمتها شركة GANT والتي تمنح العميل القدرة على البحث عن المنتجات المتوفرة في المتاجر القريبة منه.

يلتقي هذا النوع من التجارب مع رغبات العملاء في قطاع التجارة التجزئة إذ قال 60٪ من المستهلكين بأنهم يفضلون التسوق من خلال امتلاك "أمازون جو" ، حيث يمكن للمستهلكين شراء البضائع في المتجر دون الحاجة الى الخروج والتعامل مع أمناء الصندوق.

بطبيعة الاحول لا تنحصر رغبات المستخدمين في عملية التحول الرقمي وتجربة العملاء في القطاع الخاصة بل تمتد الى الاعمال الحكومية بل تعد الرقمنة، كما أشار التقرير" مفتاح مشاركة المستخدمين مع الخدمات الحكومية" حيث أبد 51% من المستخدمين رغبتهم بزيادة استخدام االخدمات الحكومية إذ استطاعوا الوصول إليها عبر بوابة إلكترونية.

و49% منهم يريدون أن يكونوا قادرين على ذلك تسديد المدفوعات للحكومة والوكالات التابعة لها عبر الإنترنت.

 

ثانياً: الأعمال القائمة على البيانات

يعد فتح وتحليل البيانات جوهر العمل بحسب معدي التقرير إذ بلغ 83% من صناع القرار في قسم تكنولوجيا المعلومات ان البيانات المجمعة تعتبر تحدياً لأعمال شركاتهم، كما قال 55% منهم بان شركاتهم تخطط للاستثمار في البيانات الضخمة/التحليل البيانات.

تهدف الشركات من خلال الاستثمارات في البيانات الضخمة وتحليل البيانات الى تحقيق ثلاثة غايات وهي: تحسين خدمة العملاء، تبسيط العمليات، تسريع عملية الابتكار.

فمن خلال استخدام البيانات وتحليلها اطلقت "لين كروفورد" تطبيق الهواتف الذكية لزيادة تفاعل العملاء، حيث يسمح هذا التطبيق للمستخدمين الجدد بالتسوق الفوري، وعرض معلومات المنتج وتحديث معلومات الحساب، وتلقي إشعارات حالة الطلب أثناء التنقل.

 

ثالثاً: الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي

تعمل المنظمات بشكل متزايد على الاستثمارات في قدرات الذكاء الاصطناعي لتسريع وتخصيص خدمة العملاء، تقليل التحيز البشرية، وزيادة الإنتاجية. فقد أثبتت الذكاء الاصطناعي بانه أداة قوية لتخصيص تجربة العملاء ، والحد من التحيز البشري ، وأتمتة المهام، فمن جهة إضفاء الطابع الشخصي على تجربة العملاء فيعتبر التحول الأكبر والاهم في مستقبل خدمة العملاء هو استخدام التنبؤات المتطورة التي تدفعها القرارات المتخذة من خلال تجربة العملاء.

ولجهة الحد من التحيزات البشرية فستسمح تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وكذلك المعالجة اللغوية، للشركات بتحديد الأنماط، والاتجاهات والتحيزات قبل أن تصبح مشكلة.

تشير البيانات الواردة في التقرير على تعويل الشركات على الذكاء الاصطناعي المعزز في تحسين الإنتاجية إذ تظهر الاستطلاع عن نية الشركات بأتمتمة 40% من المهام العملية.

كما ان 25% من عمليات خدمة الاستجابة للعملاء سوف تستخدم وكيل افتراضي مساعد في عام 2020.

يظهر التقديم في مجال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي للشركات عبر إجاباتهم عن السؤال الذي طرحه عليهم معدو التقرير حول أنواع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الي تم نشرها في مؤسساتهم؟ فجاءت كالآتي: 39% من قالوا بان شركاتهم تستخدم تقنية الوكيل الافتراضي/ Chatbots (روبوتات الدردشة) فيما أجاب 53% بأتمتة المهام الأساسية، و56% البريد الإلكتروني.

   تعد تجربة تطبيق WienBot الذي أطلقته مدينة فيينا من ابرز تطبيقات "روبوتات الدردشة" الرائدة في مجال الخدمات العامة لمساعدة المواطنين في العثور على مواقف للسيارات والاستراحات والمعلومات أخرى كما يجيب على مجموعة من الأسئلة وهو قابل للتطوير الذاتي عبر التعلم المستمر من خلال تفاعله مع تجربة العملاء.

   بعيدا عن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال خدمة العملاء فانه استخداماته في المجالات الطبية والزراعية والصناعي اكثر شيوعا وتقدما فالروبوتات والطائرات بدون طيار باتت تنتشر بالفعل في الزراعة لتقييم الجفاف والوباء، وكذلك المساعدة في شحنات الطوارئ والإنقاذ والحوادث وتقييم أضرار الكوارث والنفط والغاز والتنقيب عن الطاقة، وغيرها الكثير من الاستخدامات العملية التي تحقق كفاءة عالية وتخفض من مخاطر الإصابات بين العاملين.

اما في المجال الطبي فقد أصبحت الروبوتات الجراحية تتواجد في غرف العمليات كـ "مساعدين" للأطباء ويأتي هذا الانتشار بعد التوسع الكبير في عملية الإنتاج لهذا النوع من الروبوتات وانتشار استخدامها في المستشفيات الامر الذي أدى الى تحسن تقنيتها وانخفاض تكلفتها.

اتخاذ القرار عبر تحليل الخوارزميات يعد أيضا من المجالات الرائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي وتعتبر مؤسسة" "ZestFinance للائتمان من المؤسسات الرائد في هذا المجال والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي في حلول نمذجة ومحاكات المخاطر للآلاف من المتغيرات للحصول على رؤية اعمق للتخفيف من مخاطر الائتمان ومعرفة المقترضين ذوي الجدارة الائتمانية.

 

رابعاً: الحوسبة السحابية المتعددة

تعتمد معظم الشركات الكبيرة (أكثر من ألف موظف) على نظم الحوسبة السحابية في عمليات التخزين، حيث يعتمد 84% منهم على الحوسبة السحابية المتعددة، و10% منهم على الحوسبة السحابية الأحادية العامة، و3% منهم فقط على الحوسبة السحابية الأحادية الخاصة، فيما 3% فقط لا يخططون للعمل وفقط نظم الحوسبة السحابية، كما أشار 58% ممن يستخدمون الحوسبة السحابية المتعددة ان يعتمدون على نظام سحابي هجين، و17% على نظام سحابي متعدد عام عام، و9% على نظام سحابي متعدد خاص، وهنا يثار سؤال عن الاختلاف في تفضيلات الأنظمة سحابية المستخدمة من قبل الشركات، وهو ما طرحه التقرير بالفعل، وكانت الإجابات تتركز حول الملائمة لنظام عمل الشركة، خاصة فيما يتعلق بالأنظمة السحابية المتعددة، فحسب المستجيبين لا يمكن لنظام سحابي واحد ان يلاقي جميع احتياجات الشركة.

 

على الرغم من الفوائد الجمة التي تحصدها الشركات من خلال اعتماد الحوسبة السحابية، لكنها تواجه مجموعة من التحديات الكبيرة لاسيما عندما يكون الحديث عن نظم الحوسبة السحابية المتعددة. يرصد التقرير اهم هذه التحديات التي عبرت عنها الشركات، والتي جاء في مقدمتها التعقيد بنسبة 79% و55% ترحيل التطبيقات، و42% في إدارة التكاليف، فيما قال18% منهم بانهم لا يواجهن أي تحديات في استخدام الحوسبة السحابية المتعددة.

 

خامساً: الشراكة مع تكنولوجيا المعلومات تعزز الأعمال

تضع المنظمات تكنولوجيا المعلومات كعامل تمكين أساسي للأعمال، لذلك فإن كفاءة تكنولوجيا المعلومات أمر حاسم لنجاح مبادرات التحول الرقمي.

تتركز الأهداف الرئيسية لمبادرات التحول الرقمي في المؤسسات حول الأمان وتحليل البيانات وانترنت الأشياء والحوسبة السحابية المتعددة والذكاء الاصطناعي كما جاء في بيانات استطلاع الرأي التي يعرضها التقرير.

 

سادساً: المشاركة في خلق القيمة مع أصحاب المصلحة الخارجيين

عندما تهبط الأسواق بسبب تقنيات جديدة او دخول منافسين جدد، غالبا ما تكون الشركات القديمة غير مستعدة لتطوير منتجات وخدمات جديدة، لذلك تلجأ إلى عقد شراكات مع أصحاب المصلحة الخارجيين، فبفضل هذه الشركات تخلق الشركات شبكة بيئية تعاونية مع أصحاب المصلحة الخارجيين.

لا يعود النفعة من هذه الشراكة للشركات لجهة قدرتهم لمواكبات تطورات السوق واطلاق وتطوير منتجات جديدة فقط بل تعود بالنفع أيضا على المستخدمين الذين يتمكنون من الحصول على عدد متنوع من الخدمات ومن شركات مختلفة عبر تطبيقات الهواتف الذكية او المنصات على شبكة الانترنت.

ومثال ذلك تحاول شركة Uber استثمره باستمرار عبر اطلاق خدمات جديدة عبر التطبيق المستخدم في خدمات التوصيل الخاص بها، كخدمة توصيل الطعام " Uber Eats" و"Uber "pass المخصص لعملاء أمازون فقط، أكبر موقع إلكتروني للتسوق، والذي يحقق الفائدة لكلا الشركتان عبر جمع المزيد من المعلومات حول تجربة العملاء، وتحقيق إيرادات اكبر من خلال حصر الخدمة بمستخدمي امازون.

 

سابعاً: تعزيز أداء الاعمال باستخدامات واجهات التطبيقات البرمجية

يعزز استخدام واجهات التطبيقات من أداء الاعمال عبر زيادة الإنتاجية ونمو الإيرادات وإتاحة مساحة أكبر للابتكار، وباللغة الأرقام تظهر الاستفادة من استخدام واجهات التطبيقات، وطبقاً للبيانات التي ابلغ عنها المستجيبون للاستطلاع الذي يستخدمون واجهات التطبيقات البرمجية، ما يلي، 53% من المستجيبين قالوا بان الإنتاجية قد زادت بنسبة 53%، 46% زيادة في الابتكار، 40% زيادة في مشاركة الموظفين وتعاونهم، 33% مرونة أكبر لفرق خدمات تكنولوجيا المعلومات، 30% انخفاض في التكاليف التشغيلية، 29% نمو في الإيرادات.

في الختام يمكن الخروج من العرض الموجز لهذا التقرير الهام بنتيجتان أولاً: ان التحول الرقمي في أعمال الشركات ليس مجرد سباق تتنافس من خلاله الشركات على مواكبة موجة عابرة لاستخدام الابتكارات الحديثة في الأعمال، بل ان التحول الرقمي يعمل على رفع كفاءة الاعمال وزيادة الإنتاجية والنمو في الإيرادات وخفض التكاليف، والمنافس مع شركات اعتمدت التحول الرقمي كتوجه عام في اعمالها هي خاسرة بالضرورة، فلا يمكن الصمود امام منافسين استطاعوا التخفيض من تكاليفهم وزيادة إنتاجية أعمالهم ورفع كفاءته، وهو بطبيعة الأحوال هدف أساسي لكل شركة تعمل على زيادة حصتها السوقية. ثانياً: ان التفضيلات الاستهلاكية للعملاء لم تعد قاصرة على تقديم الخدمة/المنتج بأسلوب مبسط وسهل ويعتمد على التكنولوجيا الحديثة، بل اصبح العملاء يطمحون للحصول على تجارب تلاقي تفضيلاتهم الشخصية.

في آذار/ مارس من عام 2003 أطلقت سلطنة عُمان استراتيجية التحول الرقمي تحت عنوان " عُمان الرقمية" لتكون بذلك من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط التي تطلق استراتيجية خاصة تهدف إلى إجراء عملية تحول رقمي شاملة في البلاد، وتستند استراتيجية عُمان الرقمية على ستة محاور رئيسية هي:

  • تنمية قدرات المجتمع ومهارات الأفراد.
  • الحكومة الإلكترونية والخدمات الذكية.
  • منظومة متكاملة لصناعة تقنية المعلومات والاتصالات.
  • الحوكمة وتطوير المعايير القياسية والسياسات.
  • البنية الأساسية من الجيل الجديد.
  • تعزيز الوعي المعرفي.

   تهدف استراتيجية عُمان الرقمية من خلال محاورها المذكورة أعلاه للوصول إلى المجتمع الرقمي الذي يُمكن جميع المواطنين من الوصول إلى المعرفة والوسائل والأدوات التي تؤهلهم للتفاعل الرقمي والدخول إلى شبكة الانترنت واستخدام الخدمات الإلكترونية على نحو فعال و آمن كما تسعى الاستراتيجية الموضوعة لتوفير احتياجات قطاع تقنية المعلومات العماني عبر تزويده بالموارد والأدوات اللازمة لتحويل الأفكار والمبتكرات في مجال تقنية المعلومات إلى منتجات وخدمات تلبي احتياجات ومتطلبات الحكومة والسوق كما تشمل أهداف الاستراتيجية على إنشاء بنية أساسية متكاملة لتوفير الخدمات الحكومية الإلكترونية للمواطنين وقطاع الأعمال في السلطنة وبناء صناعات تعتمد على المعرفة وتوفير فرص عمل واسعة ومتنوعة للمواطنين.

ولغرض تحقيق الأهداف الطموحة التي أعلنتها السلطنة وبناء على الاستراتيجية المعتمدة أطلقت الحكومة العُمانية مجموعة كبيرة من المبادرات لعل أهمها ما يأتي:

  • مراكز المجتمع المعرفية: توفر هذه المراكز الحواسيب وخدمة الانترنت ودورات تدريبية بهدف ردم الفجوة الرقمية وتوفير المعرفة لجميع المواطنين.
  • برنامج ساس (أساس): وهو مشروع يهدف للمساهمة في تطوير صناعة تقنية المعلومات والاتصالات، وذلك عبر تقديم مجموعة كبيرة من الخدمات الاستشارية والتدريب والتأهيل والدعم الحكومي والمساعدة في تأمين التمويل للمشروعات الريادية الصغيرة والمتوسطة، وهو مشروع قائم بالشراكة بين القطاع العام والخاص.
  • بوابة الدفع الإلكتروني: تهدف بوابة الدفع الإلكتروني تمكين المتعاملين مع القطاع العام والخاص من تسهيل عملية دفع الرسوم والضرائب إلكترونياً وبشكل آمن.
  • مبادرة استثمر بسهولة: وهي واحدة من أبرز المبادرات التي أطلقتها الحكومة العُمانية والتي تهدف لتطوير بيئة الأعمال عبر تقديم مجموعة شاملة من الخدمات الإلكترونية لقطاع الأعمال والتي تبدأ من إنشاء شركة جديدة إلى الحصول على ترخيص الأنشطة وانتهاءً بتقديم التقارير المالية السنوية.
  • التشريعات والقوانين: تعتبر عملية تهيئة البيئة القانونية حجر الزاوية لإحداث نقلة حقيقية في عملية التحول الرقمي، وهنا تبرز سلطنة عُمان كرائدة في هذا المجال حيث أصدرت عبر فترات متلاحقة حزمة من التشريعات والقوانين المتعلقة بالجرائم والتعاملات الإلكترونية والتي تكفل إجراء التعاملات الإلكترونية بشكل آمن الأمر الذي يوفر مستوى عالي من الثقة لدى الأفراد وقطاع الأعمال والوحدات الحكومية في إنجاز التعاملات إلكترونياً.

تظهر المبادرات والبرامج التي أطلقتها السلطنة والنجاحات التي تحققت من خلالها حسن سير عملية التحول الرقمي في السلطنة وصولاً إلى مجتمع عُمان الرقمي الذي تطمح إليه، وذلك في ظل تحسن ظروف البيئة الاستثمارية حيث تقدمة السلطنة 14 مركزا في تصنيف مؤشر البيئة التنافسية لعام 2018 لتحل في المركز 47 عالمياً، كما يساهم تحسن الوعي المعرفي في المجتمع العماني في نمو قطاع صناعة تقنية المعلومات حيث تلقى المبادرات والبرامج الحكومية رواجاً واسعاً في المجتمع العماني وذلك مع ارتفاع نسبة مستخدمي الانترنت التي وصلت الى اكثر من 80% من اجمالي عدد السكان كما وصلت نسبة العمانيين الذين يقومون بتعاملات إلكترونية الى حوالي 20% سنوياً.

لا تقتصر منافع التحول الرقمي في السلطنة على تنويع الاقتصاد العُماني بحيث يصبح أقل اعتماداً على الموارد الطبيعية بل تؤسس أيضاً لجعله محطة جاذبة للاستثمار في قطاع صناعة تقنية المعلومات والاتصالات الذي يشهد نمواً متسارعاً تزامناً مع التحولات التي تجريها كبرى الشركات العالمية على طريق التحول الرقمي.

   تخطت مساهمة الاقتصاد الرقمي في صافي الناتج العالمي حاجز الـ 10% بمعدل مساهمة في إجمالي النمو تصل إلى 25% كما أن الاقتصاد الرقمي مسؤول عن خلق 65% من الوظائف الجديدة. لا تشير الأرقام السابقة إلى طفرة مؤقتة في إحدى القطاعات الاقتصادية التقليدية بل إلى ولادة شكل جديد من النشاط الاقتصادي سوف يهيمن في السنوات القادمة أكثر فأكثر على القطاعات الاقتصادية الأُخرى فالاقتصاد الرقمي معني بمجمل التغيرات الحاصلة في القطاع الصناعي (الثورة الصناعية الرابعة) وقطاع البناء والتعمير (المدن الذكية) والقطاع الصحي (التكنولوجيا الحديثة الصحية والاستشارات الصحية عن بعد..) وقطاع التعليم (التعليم الافتراضي، الفصول الذكية، التعلم عن بعد..) باختصار كافة القطاعات الاقتصادية.

   بالرغم من النمو الهائل في الاقتصاد الرقمي إلا أن المؤشرات الإحصائية تدل على وجود تفاوت كبير في مشاركة الاقتصاد الرقمي في النشاط الاقتصادي بين الدول الصناعية الكبرى وبين الدول الناشئة والنامية، حيث بلغ حجم المعاملات الخاصة بالاقتصاد الرقمي حوالي 4.5 ترليون دولاراً لمجموعة العشرين إذ تستحوذ الدول الصناعية على 85% من إجمالي النشاط الاقتصادي الرقمي، فما هو واقع الاقتصاد الرقمي في العالم العربي، وماهي الفرص الاستثمارية التي يمكن أن يجنيها رواد الأعمال عبر المساهمة في عملية التحول الرقمي؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عليه من خلال سلسلة "العالم العربي خطوات نحو التحول الرقمي" والتي تسعى من خلالها منصة رواد الأعمال العرب-السويسريين إلى تعريف رواد الأعمال بآخر مستجدات بيئة الأعمال الاستثمارية والاقتصادية في المنطقة العربية، عبر توضيح الخطط الاستراتيجية لإجراء عملية التحول الرقمي في الدول العربية والإنجازات المتحققة في هذا الإطار، ولكن قبل ذلك لنلقي نظرة عامة حول الاقتصاد العربي واهم مؤشرات التحول الرقمي وفقا لأحداث الاحصائيات.

الاقتصاد العربي نظرة عامة

يتمتع الاقتصاد العربي بمكانة حيوية في الاقتصاد العالمي عبر دوره الهام في قطاع الطاقة الذي لعبه خلال العقود الطويلة الماضية من خلال إنتاج النفط والغاز إذ يستحوذ العالم العربي على 30% و16% من إجمالي إنتاج النفط والغاز العالمي على التوالي بالإضافة إلى الاحتياطيات الهائلة، 50% و28% من إجمالي الاحتياطيات العالمية من النفط والغاز على التوالي، و إشرافه على أهم ممرات التجارة الدولية. إلا أن مكانة الاقتصاد العربي لم تعد تنطوي فقط على الدور التقليدي الذي يلعبه الاقتصاد العربي بل تعدته إلى بروز العالم العربي في العقدين الماضيين كمركز دولي لجذب وتصدير الاستثمارات إذ وصلت حجم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى العالم العربي في عام 2017 إلى أكثر من 28 مليار دولاراً، بالإضافة إلى زيادة حصة التبادلات التجارية للعالم العربي إلى إجمالي التبادلات التجارية العالمية والتي تعدت الـ 5% (عام 2017)، ولقد أتى سعي الدول العربية للاندماج بالاقتصاد العالمي بهدف تنويع اقتصادياتها وإنهاء حالة الاعتماد على صادراتها النفطية من خلال تحقيق عملية التنمية المستدامة، وفي هذا الإطار أطلقت العديد من الدول العربية خططها لإجراء عملية التحول الرقمي لما تشكله من أهمية قصوى في جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير بيئة ملائمة لريادة الأعمال المحلية والأجنبية.

اما على صعيد البنية التقنية للتحول رقمي فقد قطعت الكثير من الدول العربية شوطاً واسعاً في هذا المجال فعلى مستوى انتشار خدمة الانترنت، والذي يعتبر الركيزة الأساسية للتحول الرقمي، حققت الدول العربية إنجازات كبيرة حيث وصلت نسبة مستخدمي الانترنت من اجمالي سكان العالم العربي الى اكثر من 62% كما يظهر في الجدول رقم (1) وترتفع تلك النسبة في دول مجلس التعاون الخليجي الى اكثر من 92% كما لم يقتصر التطور على مستوى انتشار الانترنت في دول مجلس التعاون بل أيضا على مستوى الخدمة إذ حصلت كل من قطر والامارات على المرتبة الخامسة والسابعة على التوالي في تصنيف سرعة الانترنت على الهواتف في شهر ابريل/ نيسان عام 2019.

ساهم انتشار الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي (حوالي 70% من مستخدمي الانترنت يستخدمون الفيس بوك) وتحسن نوعية الاتصال بنمو عمليات الدفع الالكتروني والتجارة الإلكترونية حيث بلغت إيرادات سوق التجارة الإلكترونية (Business to Consumer) في العالم العربي الى 23 مليار دولار والتي من المتوقع ان تنمو بين عامي 2019 و2023 بأكثر من 10% ليصل حجم السوق الالكترونية لأكثر من 38 مليار دولار، وفي ظل توسع حجم السوق الإلكترونية وصل عدد المتسوقين عبر الانترنت في العالم العربي لأكثر من 156 مليون متسوق.

انعكس التحسن في البنية الرقمية لعدد من الدول العربية على تصنيفها في مؤشرات التنافسية الرقمية والتجارة الإلكترونية على مستوى العالم ليحصد بعضها تصنيفات مرتفعة، كدولة الامارات وقطر وسعودية، لتنافس اكثر الدول تقدماً في سباق التحول الرقمي كما يظهر في الجدول رقم(2) و(3).

بالرغم من كون بعض الدول العربية تتبوأ ذيل القائمة في مؤشر التنافسية للتجارة الإلكترونية بسبب الازمات السياسية والاقتصادية المتتالية إلا ان انتشار استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي خاصة بين الفئات الشابة تشي بمستقبل واعد لما توفره عملية التحول الرقمي من إمكانيات كبيرة لتطوير بيئة الاعمال وجذب الاستثمارات في مرحلة إعادة الاعمار.

 

في المقالة القادمة من هذه السلسلة سوف نتناول بالأرقام والتحليل واقع الاقتصاد الرقمي في دولة الامارات العربية المتحدة.

 

الهوامش:

1- التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2018

2- Report UNCTAD b2c E-commerce index 2018

3- Report world competitiveness center 2018

4- www.internetworldstats.com

5- www.statista.com

 

 

 

About Us

Enjoy the power of entrepreneurs' platform offering comprehensive economic information on the Arab world and Switzerland, with databases on various economic issues, mainly Swiss-Arab trade statistics, a platform linking international entrepreneurs and decision makers. Become member and be part of international entrepreneurs' network, where business and pleasure meet.

 

 

Contact Us

Please contact us : 

Cogestra Laser SA

144, route du Mandement 

1242 Satigny - Geneva

Switzerland

We use cookies on our website. Some of them are essential for the operation of the site, while others help us to improve this site and the user experience (tracking cookies). You can decide for yourself whether you want to allow cookies or not. Please note that if you reject them, you may not be able to use all the functionalities of the site.