fbpx

السقوط من القمة: كيف انتقلت سويفل من أول شركة يونيكورن في الشرق الأوسط إلى حافة الإفلاس؟ Featured

22 Apr 2023
320 times

اكتسى برج خليفة في شهر في يوليو/تموز 2021، باللون الأحمر يتوسطه كلمة "SVWL" معلنا لناظره عبر نص إلكتروني بأن شركة سويفل المصرية للنقل الجماعي باتت "أول شركة يونيكورن* في الشرق الأوسط تبلغ قيمتها السوقية 1.5 مليار دولار يتم إدراجها في بورصة ناسداك نيويورك" هكذا احتفلت دبي بالشركة التي اتخذت من المدينة مقراً لها في عام 2019.  

لم يمضي على موجة الاحتفاء بشركة سويفل الكثير من الوقت قبل ان تتحول إلى حسرة وتأسف، فبعد أقل من 6 أشهر من بدء تداول أسهمها في بورصة ناسداك انهارت سعر سهم سويفل لتفقد نحو 95% من قيمتها في شهر سبتمبر/أيلول 2022. استمرت رحلة هبوط سهم سويفل ليصل سعر سهمها في عام 2023 إلى نحو 20 سنت بعد أن كان سعر السهم الواحد 10 دولارات عند بداية تداوله في مارس/آذار 2022، وانخفضت قيمتها السوقية من أكثر من 1.5 مليار دولار إلى لنحو 9 مليون دولار فقط، لتفقد الشركة نحو 99% من قيمتها بعد نحو عشرين شهراً من بدء إدراجها في ناسداك.

كيف هبطت سويفل من أعلى قمة النجاح إلى شبح الإفلاس؟ وما هي السيناريوهات التي تنتظرها؟

رحلة الصعود السريعة

تعد شركة سويفل للنقل الجماعي نموذجاً عن الشركة الناشئة التي تحقق نجاحاً كبيراً في بداية رحلتها، فقد بدأت الشركة أعمالها في مصر عام 2017 بتمويل ذاتي من مؤسسيها (مصطفى قنديل ومحمود نوح وأحمد صباح) لم يتجاوز في حينها 30 ألف دولار. قامت فكرة سويفل على تقديم بديل معقول يزاوج بين التكلفة المنخفضة والكفاءة، بحيث تمكن الافراد الراغبين بالتنقل بعيداً عن وسائل النقل العام، وبتكلفة أقل من تكاليف شركات النقل التشاركي. وفي التطبيق العملي بدأت سويفل بتسيير حافلات كبيرة وصغيرة على طرق محددة، بحيث تمكن المستخدمين من حجز رحلاتهم عبر تطبيق يعمل على الهواتف الذكية.

يغضون أقل من عام نجحت سويفل في جذب تمويل وصلت قيمته إلى نحو 9 مليون دولار أمريكي بدأ مع تمويل بقيمة 500 ألف دولار من شركة "كريم" لنقل الركاب التي استحوذت عليها شركة "أوبر" لاحقاً، وفي عام 2018 حصلت على تمويل بقيمة 8.5 مليون دولار من جولة تمويلية من السلسلة (أ)، وفي العام نفسه نجحت في الحصول على جولة تمويلية غير معلنة من الفئة (ب) قدرت قيمتها حينها ما بين 20 إلى 30 مليون دولار، لتصبح سويفل أكثر شركة ناشئة تحصل على تمويل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2018.

استمر تدفق التمويل على سويفل حيث نجحت في عام 2019 بجمع نحو 42 مليون دولار من جولة تمويلية من الفئة (ت) فوصل مجموع ما حصلت عليه بعد أقل من عامين على تأسيسها نحو 80 مليون دولار.

بعد نجاح سويفل في تحقيق هذا التمويل قررت نقل مقرها الرئيسي إلى دبي، وهناك استأجرت سويفل مساحة في مبنى راقٍ يضم مستأجرين كبار منهم على سبيل المثال: مكتب "بي إم دبليو" و"رولز رويس"، ومن دبي عملت سويفل على تسريع توسعها في أسواق كبيرة ومهمة في الشرق الأوسط وإفريقيا، بما فيها السوق السعودية والباكستانية والإماراتية إلى جانب نيجيريا وكينيا في إفريقيا.

الهالة الإعلامية

بدفع من النجاح السريع الذي حققته اكتسبت سويفل هالة إعلامية كبيرة منذ انطلاقها حيث اختير مؤسسو سويفل في عام 2018 ضمن قائمة فوربس الشرق الأوسط للشباب دون سن الثلاثين الأكثر تأثيراً، وفي عام 2020 ظهر اسم شركة سويفل في قائمة فوربس الشرق الأوسط "لأكثر 50 شركة ناشئة تمويلاً في الشرق الأوسط" حيث احتلت المركز الثاني، كما ظهر مديرها المالي "يوسف سالم" في القائمة ذاتها في عام 2021، علماً أن يوسف سالم، وهو مصرفي مرموق كان يعمل في "مويليز أند كو" (Moelis& Co)، كان من ضمن مجموعة كبيرة من الموظفين الذين جذبتهم عبر تقديم رواتب سخية لهم بالإضافة إلى امتيازات ومغريات أخرى.

هذا إلى جانب الكثير من المقابلات التلفزيونية وعشرات المواقع الإلكترونية التي تناولت قصة نجاح الشركة.

ساهمت الهالة الإعلامية في زيادة ثقة المستثمرين والممولين في نجاح الشركة وفي إمكانية أن تصبح من كبرى الشركات في مجال النقل الجماعي على مستوى العالم، سيما مع توسعها الكبير في الأسواق الخارجية.

الاستحواذ والإدراج في بورصة ناسداك

وصلت سويفل إلى قمة نجاحها في صيف عام 2021 حينما أدرجت في بورصة ناسداك بعد أن اندماجها مع "كوينز غامبيت غروث" (Queen’s Gambit Growth Capital) وهي شركة استحواذ ذات الأغراض الخاصة "SPAC"، لتتحول الشركة الناشئة التي انطلقت قبل 4 أعوام فقط من شركة صغيرة تنشط في شوارع القاهرة والإسكندرية إلى شركة عالمية بتقييم سوقي وصل إلى 1.5 مليار دولار، وعد هذا التقييم وقتذاك مبالغاً فيه.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أنه قبل عملية الاندماج تلك كان إثنين من مؤسسي سويفل قد غادراها؛ محمود نوح الذي أسس لاحقاً شركة "كابيتر" (Capiter) للتعاملات التجارية بين الشركات، وأحمد صباح الذي أسس شركة التقنية المالية الناشئة "تيلدا" Telda، فيما استمر مصطفى قنديل في إدارة سويفل.

بعد أقل من شهر على إعلان إدراج سويفل في بورصة ناسداك بدأت الشركة عملية توسع في الأسواق العالمية بدأتها مع استحواذها على شركة "Shotl" الإسبانية للنقل الذكي المتخصصة في طلب الحافلات في كل من اسبانيا و22 مدينة في 10 دول أوروبية إلى جانب نشاطها في البرازيل[1]. كما أعلنت عن استحواذها على شركة " Door2door" الألمانية بصفقة غير معلنة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني استحوذت على حصة حاكمة في شركة " Viapool" الأرجنتينية للنقل التشاركي التي تنشط في كل من الأرجنتين وتشيلي وذلك بمقابل 10 ملايين دولار.

لم تتوقف شهية سويفل في التوسع والاستحواذ ففي أبريل/نيسان من عام 2022، أي بعد شهر واحد عن بدأ تداول أسهمها في بورصة ناسداك بقيمة 10 دولار للسهم الواحد، أعلنت سويفل عن صفقتي استحواذ، الأولى صفقة الاستحواذ على شركة "فولت لاين" التركية للنقل التشاركي بلغت قيمتها 40 مليون دولار، والثانية كانت ابرام صفقة مبدئية مع شركة "Zello" البريطانية تمهيدا للاستحواذ عليها بصفقة بلغت قيمتها التقديرية نحو 100 مليون دولار[2]. هذا إلى جانب ضخ 25 مليون دولار مخصصة لزيادة التوسع في السوق التركية عبر "فولت لاين"[3].

السقوط من القمة

لم يمضي أكثر من شهرين على بدء تداول أسهم سويفل في بورصة ناسداك، حتى انخفض سعر سهم الشركة إلى نحو 5 دولارات. أمام هذا الهبوط المفاجئ في سعر السهم، أعلنت سويفل عن تسريح 400 من موظفيها أو نحو ثلث العاملين في الشركة، وعن السبب في اتخاذها لهذا الإجراء قالت سويفل حين ذاك أنها ستحل أنظمة مؤتمتة بالكامل محل كوادرها المسرحة، وذلك لتخفيض نفقاتها والتركيز على تحقيق أرباح بدءً من عام 2023. وفي تعليقها على انخفاض سعر سهمها صرحت إدارة سويفل "تراجع السهم لا يُسبب قلقاً لدى الإدارة، لكن لدينا مسؤولية تجاه كل مساهم يتعرض لخسارة، ونحاول الفصل بين خطة العمل التي نسير عليها وبين حركة السهم".

لم يكن إعلان سويفل كافياً لوقف انهيار سعر سهمها، فمن جهة تسريح 400 موظف لن يؤدي إلى نتائج فورية أو مؤكده لتحقيقها لأرباح ترضي المستثمرين وحاملي أسهم، بل إن نتائج التسريح بحاجة إلى وقت للظهور، بالإضافة إلى أن عملية الإحلال بأنظمة مؤتمتة بحد ذاتها عملية مكلفة ومعقدة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن سويفل لم تتوقف عن التوسع في أسواق جديدة، فقد أعلنت الشركة عن استحواذها على شركة "Urbvan" المكسيكية للنقل الجماعي[4]، تزامن ذلك مع إعلانها نيتها دخول السوق الأمريكية في نهاية العام نفسه، أي أن هدف الشركة في التركيز على الأرباح لا يبدو أنه كان سيتحقق في ظل استمرار في التوسع في أسواق جديدة، وهو أحد أهم الأسباب لتراجع سعر سهم سويفل.

حدث الانهيار الكبير في سعر سهم سويفل في الثامن يوليو/تموز 2022، إذ سقط سعر سهم الشركة إلى نحو دولار ونصف، وفي الـ20 من سبتمبر من العام نفسه تراجع سعر السهم إلى ما دون الدولار الواحد، ووصل إلى نحو 50 سنت، لتفقد سويفل بذلك نحو 95% من قيمتها، حيث انخفض تقييمها السوقي من 1.5 مليار دولار إلى نحو 75 مليون دولار. استمر المسار الهبوطي لسهم سويفل مع بداية عام 2023 ليصل سعر سهمها إلى نحو 20 سنت وتصبح قيمتها السوقية نحو 9 مليون دولار.

لماذا سقط سهم سويفل؟

إلى جانب الأسباب المتعلقة بأداء وإدارة شركة سويفل نفسها وتحديداً في سياستها التوسعية السريعة التي كلفة الشركة مئات ملايين الدولارات، فإن انهيار سعر سهم سويفل في بورصة ناسداك، يعزى أيضاً إلى حالة الاقتصاد العالمي. فقد ضربت جائحة كورونا صناعة النقل بشدة، ولم تكن سويفل استثناءاً. مع عمليات الإغلاق وإجراءات التباعد الاجتماعي المعمول بها، انخفض الطلب على وسائل النقل العام، واضطرت سويفل إلى تعليق خدماتها. بالإضافة إلى ذلك، واجهت الشركة تحديات مالية وتشغيلية، مع ارتفاع تكاليفها التشغيلية ومحدودية مصادر الإيرادات مما جعلها عرضة لخطر الإفلاس.

وقبل أقل من شهر على بدء تداول أسهم سويفل في بورصة ناسداك، اندلعت الحرب الروسية- الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة بصورة كبيرة، وهو ما انعكس بالسلب على التكاليف التشغيلية لسويفل، كما أن الاقتصاد العالمي بالعموم دخل في حالة من عدم اليقين وتباطؤ النمو، كما تأثرت الكثير من الدول، بما فيها مصر ودول أميركا اللاتينية وعدد آخر من الدول التي تنشط فيها سويفل، بحالة التضخم العالمية التي تسببت فيها الأزمة الأوكرانية، فانهارت أسعار العملات الوطنية لعدد كبير من الدول. هذا إلى جانب رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، الأمر الذي جعل من تكلفة الاقتراض والتمويل أكبر على الشركات الناشئة.

ويدل أيضاً على أن الأزمة التي مرت بها سويفل مرتبطة بأسباب خارجية، هو أن مؤشر ناسداك نفسه فقد ما يقرب من ثلث قيمته في عام 2022[5]، باختصار لم تكن سويفل لوحدها في هذه الأزمة، بل أتت عليها مضاعفة بسبب ارتباط عملها بأسعار الطاقة التي حلقت.

ما هو المصير الذي ينتظر سويفل؟

امام الانهيار الكبير الذي تعرضت له سويفل قرر مديرها التنفيذي "مصطفى قنديل" في 25 تشرين الثاني/نوفمبر تسريح أكثر من نصف القوى العاملة وبيع أو وقف أو تقليص بعض العمليات في البلدان "الأصغر" على حد وصفه، والتركيز بشكل أساسي على مصر والمكسيك.

بعد خمسة أسابيع من هذا الإعلان، شكلت سويفل لجنة من المديرين المستقلين لاستكشاف المبيعات المحتملة وعمليات الدمج والخيارات الأخرى.

لم تحقق إجراءات سويفل الهدف المرجوة منها إذ كما أسلفنا فإن سهمها استمر في الهبوط، ومن المعروف أن بورصة ناسداك نيويورك تمنع تداول أسهم الشركات المدرجة فيها تحت سعر دولار أمريكي واحد، وهو ما جعل سويفل معرضة لخطر الشطب من بورصة ناسداك، سيما انها تلقت انذار بذلك من ناسداك، فكان حل سويفل هو "التجزئة العكسية للسهم" فحولت كل 25 سهماً إلى سهم واحد. ليعود تداول سهمها منذ شهر مارس/آذار 2023 بسعر يتراوح عند حدود الدولارين إلى 1.07 دولار.

قد تكون عملية التجزئة العكسية للسهم بمثابة حل مؤقت ينقذ سويفل من شبح الشطب من بورصة ناسداك، لكن هذا الحل قد لا يستمر طويلاً في ظل المحنة التي تمر بها الشركة.

بحسب وكالة بلومبيرغ، نقلاً عن أحد الأشخاص المطلعين على الأمر (طلب عدم نشر اسمه لأن المعلومات سرية) فإن سويفل تبحث الآن على رأس مال جديد من المستثمرين، بينما تظل مدرجةً في بورصة ناسداك[6]. قد يكون هذا الخيار بالكاد الوحيد لاستمرار سويفل، أي الحصول على رأسمال جديد والتحول إلى شركة خاصة، لتعيد الانطلاق من جديد.

أدرك فريق ادارة الشركة الحاجة إلى التغيير وشرع في استراتيجية تحول جريئة، حيث قاموا بتنويع مصادر الدخل، وتحويل تركيزهم من ركوب الحافلات إلى الخدمات اللوجستية والتوصيل. كما قاموا بتنفيذ تدابير لخفض التكاليف وعمليات مبسطة وإعادة التفاوض على العقود مع الموردين.

قامت الشركة أيضًا بتوسيع خدماتها لتشمل عمليات التسليم في الميل الأخير، والخدمات اللوجستية للتجارة الإلكترونية، وخدمة نقل الركاب. قصة سويفل هي دليل على ضرورة المرونة في اداء الأعمال والقدرة على التكيف في مواجهة الشدائد. كما أنه يعلمنا أهمية تنويع مصادر الإيرادات، وأن نكون رشيقين ومرنين، وأن نتخذ إجراءات جريئة من أجل البقاء والازدهار في الأوقات الصعبة.

المصادر:

* مصطلح اقتصادي يطلق على الشركات الناشئة التي يتخطى تقييمها السوقي المليار دولار.

* شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة هي شركات عامة لا عمل لها سوى اختيار شركة خاصة للاندماج معها، وترث تلك الأخيرة إدراج الأولى.

[1] سويفل تستعد لدخول السوق الإسبانية عبر شراء Shotl للحافلات، موقع وامضة، 19/08/2021، متوفر على الرابط: https://bit.ly/407w5be

[2] سويفل تستحوذ على “زيلو” الإنجليزية مقابل ١٠٠ مليون دولار، موقع واية عربي، 08/05/2022، متوفر على الرابط: https://bit.ly/3GNrfcd

Last modified on Wednesday, 26 April 2023 09:52
Rate this item
(0 votes)

Leave a comment

About Us

Enjoy the power of entrepreneurs' platform offering comprehensive economic information on the Arab world and Switzerland, with databases on various economic issues, mainly Swiss-Arab trade statistics, a platform linking international entrepreneurs and decision makers. Become member and be part of international entrepreneurs' network, where business and pleasure meet.

 

 

Contact Us

Please contact us : 

Cogestra Laser SA

144, route du Mandement 

1242 Satigny - Geneva

Switzerland

We use cookies on our website. Some of them are essential for the operation of the site, while others help us to improve this site and the user experience (tracking cookies). You can decide for yourself whether you want to allow cookies or not. Please note that if you reject them, you may not be able to use all the functionalities of the site.