fbpx

السياحة البينية بديل في متناول دول التعاون لمواجهة تداعيات الجائحة السياحية على المدى المتوسط

الخبر/ تقرير: اتحاد الغرف الخليجية

8 أغسطس 2021

يعتبر قطاع السياحة من القطاعات الأكثر تضررا من جائحة كورونا في كافة بلدان العالم، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تتوقع منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة (أونكتاد) إن يكبد تأثير جائحة كوفيد-19 السياحة في العالم خسائر تزيد على أربعة تريليونات دولار.

وبين تقرير أعدته المنظمة بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية إن الانخفاض الحاد في عدد السياح الوافدين في جميع أنحاء العالم في عام 2020 أدى إلى خسارة اقتصادية بلغت 2.4 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يكون الرقم مشابها هذا العام اعتمادا على تلقي لقاحات كوفيد-19. وقال التقرير إن عدد السياح الوافدين الدوليين انخفض بنحو مليار سائح أو 73 في المائة العام الماضي، بينما كان الانخفاض في الربع الأول من عام 2021 حوالي 88 في المائة.

ويتوقع التقرير إن أعداد السائحين الوافدين لن تعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023 أو بعد ذلك، بسبب عوائق مثل القيود على السفر، وبطء احتواء الفيروس وانخفاض ثقة المسافر والبيئة الاقتصادية السيئة.

وتوقَّع التقرير الصادر عن "فروست آند سوليفان"، وهي مؤسسة أمريكية مُختصة في الدراسات والاستشارات، أن يتكبَّد قطاع السفر والسياحة بدول الخليج خسائر في حدود 60 مليار دولار بسبب تداعيات جائحة كورونا، بينما سيُراكِم قطاع الفنادق خسائر تصل إلى 15 مليار دولار، وذكر التقرير أن نمو قطاع السياحة والسفر في منطقة الخليج بلغ 10% خلال السنوات الخمس الماضية، مُشيراً إلى أنه بناء على هذا النمو كان من المتوقع أن يصل إجمالي الانفاق على القطاع إلى 110 مليارات دولار في عام 2020، إلا أن تفشي كورونا أحبط هذه التوقعات بشكل عميق.

وتوجهت دول التعاون منذ سنوات طويلة إلى قطاع السياحة كإحدى الصناعات الأسرع نمواً في العالم لتجعل منها رافعة للنمو الاقتصادي. ويساهم قطاع السياحة بنسبة تتراوح ما بين 5 – 10% من الناتج المحلي الخليجي. وما قبل أزمة وباء كورونا، بدأت دول التعاون بتنفيذ خطط استراتيجية قائمة على تنويع المنتج السياحي، فضلاً عن إطلاق استثمارات ضخمة تقدر بنحو 136 مليار دولار خلال السنوات القادمة لتطوير وتوسيع وتحديث بنيتها التحتية.

ووفقا لبيانات المركز الاحصائي الخليجي، فقد انخفض عدد السياح إلى دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 71% خلال العام 2020، كما انخفضت عدد الرحلات الجوية بنسبة 65% وذلك بسبب إغلاق الحدود والمطارات وفرض القيود على السفر.

ففي البحرين، ووفقا لتصريحات سابقة لوزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد الزياني، تكبد قطاع السياحة خسائر تصل إلى ما يقارب مليار دينار نتيجة فقدان 29 ألف زائر يومياً. وأكد الوزير أن قطاع صناعة المعارض تأثر بسبب الجائحة إلى جانب تسلم الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا المستجد، مركز البحرين الدولي للمعارض والمؤتمرات منذ منتصف مارس 2020 لتحويله إلى مركز متكامل، وترتب على ذلك إلغاء أو تأجيل جميع المعارض والفعاليات المزمع إقامتها في المركز للفترة من مارس 2020 إلى مارس 2021 البالغة نحو 14 معرضاً، متسبباً في إجمالي خسائر قيمة الإيجارات في حدود 839 ألف دينار. وأشار إلى أن هيئة السياحة استطاعت جذب العديد من البواخر السياحية للمملكة وبسبب الجائحة ألغيت 55 زيارة لبواخر سياحية مجموع أعداد السياح على متنها يقدر بـ100 ألف سائح ما تسبب في خسارة الرسوم لميناء خليفة بن سلمان، وللشركات السياحية البحرينية المنظمة وللمرشدين السياحيين الذين قامت الهيئة بتدريبهم وتأهيلهم في وقت سابق. وتتأثر السياحة في البحرين بشكل قوي بحركة السياحة من المملكة العربية السعودية، وخاصة عبر سجر الملك فهد الذي ظل مغلقا لغاية مايو 2021.

وفي السعودية أدى توقف العمرة والزيارة والحج طوال جائحة كورونا إلى تعطل أو إلغاء الحجوزات التي كانت تتم من كافة دول العالم الإسلامي والعربي وكذلك ما يطلق عليها السياحة الدينية والتي كانت تشغل الكثير من حركة السوق من حجز الفنادق والنزل السكنية، وكذلك الرحلات على الطائرات والباصات لدول الأردن والعراق واليمن والبحرية لدول مصر والسودان وغيرها من الدول الأخرى. ومثل تقليص حجم الحج خسارة كبيرة في إيرادات السعودية، حيث تبلغ إيرادات الحج والعمرة حوالي 12 مليار دولار سنويا.

وفي الإمارات، ونتيجة للإجراءات الاحترازية حول العالم انخفضت الحجوزات الفندقية بنسبة 70% وانخفض جمهور دور السينما، والفعاليات الترفيهية والرياضية، في الأماكن المغلقة بنسبة 50%، إضافة إلى خفض الطاقة الاستيعابية في مراكز التسوق، لتصل إلى 70%. وسجّلت شركة طيران الإمارات، أكبر ناقل جوي في الشرق الأوسط، خسارة سنوية بـ 5.5 مليارات دولار للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة عقود، وذلك على خلفية الإغلاقات المرتبطة بفيروس كورونا التي ضربت قطاع الطيران بشدة.

وفي سلطنة عمان، قالت فت وكيلة وزارة التراث والسياحة ميثاء المحروقية أن خسائر القطاع السياحي بلغت نصف مليار ريال عُماني (مليار و300 مليون دولار)، منذ بدء جائحة كورونا وحتى نهاية سبتمبر 2020. واستطاعت الوزارة الحفاظ على وظائف 5700 عامل عُماني في القطاع السياحي بفضل التسهيلات التي أقرتها اللجنة العليا لتشغيل القطاع.

أما في قطر، فتشير بيانات رسمية انخفاض السياحة الوافدة إلى قطر خلال النصف الاول 2020 بنسبة 40.6 بالمئة على أساس سنوي. جاء التراجع الكبير في أعداد سياح الدوحة، نتيجة إيقاف جميع الرحلات في بداية نشوب الوباء بهدف السيطرة على تفشيه. وكان عدد السياحة الوافدة إلى قطر ارتفع بنسبة 17.4 بالمئة خلال 2019 إلى 2.136 مليون سائح. وتسعى قطر إلى جذب 5.6 ملايين سائح إليها سنوياً بحلول 2023، إلا أن جائحة كورونا لها تأثير واضح على قطاع السياحة.

وفي الكويت، سببت أزمة كورونا بتكبد 42 فندقاً خسائر شهرية تقدر بنحو 58.30 مليون دولار، ونقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية عن غازي النفيسي، رئيس مجلس إدارة اتحاد أصحاب الفنادق بالكويت قوله إن أزمة "كورونا" أصابت القطاع السياحي بشكل عام بشلل كامل، وأدت إلى خسائر غير مسبوقة وما زالت مستمرة. وأوضح أن الخسائر منذ شهر مارس إلى نهاية نوفمبر الماضي، بلغت ما يقارب 142.4 مليون دينار (466.43 مليون دولار). وأشار إلى أن هذه الخسائر تعد الكبرى لهذا القطاع منذ تأسيسه، خاصة أن نسب الإشغال لا تتجاوز 10% في معظم تلك الفنادق.

وتتفق توقعات منظمة السياحة العالمية والعديد من المركز المتخصصة أن صناعة السفر والسياحة لن تعود لوضعها قبل الجائحة بشكل كامل قريباً في المدى القريب، كما أن هناك بعض الممارسات التي ستظل دائمة بعد هذه الجائحة. وإزاء هذه التوقعات، تفاوتت إجراءات دول المجلس بهدف استعادة النشاط السياحي ما بين الفتح الجزئي للطيران مع الدول ذات القوائم الخضراء، كذلك تنشيط السياحة الداخلية للمواطنين والمقيمين، لكن الرهان الأكبر بالنسبة لدول التعاون في هذه المرحلة هو تنشيط السياحة البينية بين دول التعاون، حيث شهدنا بالفعل نما انتعاشا كبيرا للسياحة الداخلية بينها.

ووضعت جميع دول التعاون استراتيجيات لتطوير السياحة البينية فيما بينها. وفي هذا الاتجاه أطلقت الإمارات استراتيجية لتعزيز مساهمة السياحة في تنويع مصادر الدخل، حيث تكرس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة جهودها لتحقيق أهدافها ورؤيتها ورسالتها التي تستند إلى رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 من خلال ترسيخ مكانة أبوظبي كوجهة سياحية مستدامة لاختبار الأصالة الثقافية، والمعالم الطبيعية المتنوعة، وأنشطة الاستجمام والترفيه العائلي النابضة بالحياة، وفرص الأعمال والاستثمار الطموحة. وأطلقت دبي استراتيجية السياحة الداخلية التي تنطلق من رؤية تقوم على أهمية بناء منظومة سياحية تكاملية شاملة على مستوى الدولة لتنظيم السياحة المحلية، بين إمارات الدولة السبع، بالتعاون مع مختلف الهيئات والمؤسسات المعنية بقطاع السياحة والتراث والترفيه في الدولة، وتعزيز دور قطاع السياحة الداخلية في دعم الاقتصاد الوطني، بحيث تصبح أحد روافده الأساسية، وبناء هوية سياحية موحدة تتسق مع مستهدفات الهوية الإعلامية المرئية للدولة، بما يرسخ مكانة الإمارات، بمختلف مناطقها.

كذلك أطلقت البحرين استراتيجية لتعزيز المقومات السياحية في البحرين واضافته كعنصر تنموي محوري يستوعب المتطلبات السياحية بكافة أنواعها، وصولا لتحقيق أحد اهم اهداف التنمية المستدامة في البحرين بالتوافق مع رؤية البحرين 2030 من خلال زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي وتطوير منتج وتجربة سياحية فريدة وتحسين البنية الداعمة لإقامة المعارض والحوافز والمؤتمرات والاجتماعات.

واعتمدت المملكة العربية السعودية الاستراتيجية الوطنية للسياحة، والتي رسمت الخطوط العريضة لطموحات القطاع التي تتوافق مع تطلعات رؤية المملكة 2030، حيث تهدف إلى رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي من 3% كما هو اليوم، إلى ما يزيد على 10% في العام 2030، كما يستهدف القطاع السياحي توفير مليون فرصة عمل إضافية ليصل الإجمالي إلى 1.6 مليون وظيفة في القطاع السياحي، ويهدف أيضا إلى جذب 100 مليون زيارة سنوية دولية ومحلية.

وفي أوائل عام 2016، أطلقت عُمان استراتيجيتها الوطنية للسياحة، بهدف أساسي هو زيادة عدد الوافدين الدوليين إلى 11.7 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2040، ارتفاعًا من 2.6 مليون زائر في عام 2015. وتسعى المبادرة أيضًا إلى تعزيز مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للمزيد من 6٪، من 2.6٪ اليوم، ولتحقيق هذه الأهداف، تم تصميم الخطة الجديدة على مراحل؛ الإعداد والنمو والاستقرار.

وتهدف استراتيجية قطر الوطنية لقطاع السياحة 2030 إلى ترسيخ مكانة قطر على الخارطة العالمية كوجهة سياحية تفتخر بجذورها الثقافية. وقد تموضع الاستراتيجية بعد عملية تشاورية وطنية، وهي جزء من جهد متكامل لتطوير القطاع السياحي في قطر ولضمان تنمية مستدامة في البلاد انسجاما مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.

كما تخطو الكويت خطوات حثيثة نحو دور سياحي إقليمي مشرق لها يحولها الى منطقة جذب عالمي في هذا المجال اذ تؤكد رؤية (كويت جديدة2035) أهمية تنمية وتطوير قطاع السياحة والترفيه والتسوق ودوره في دعم الاقتصاد الكويتي والاستثمار فيه مما يخلق فرص عمل جاذبة ومستمرة للشباب الكويتي في القطاع الخاص. وستعمل رؤية (الكويت 2035) والخطط الاستراتيجية المرتبطة بها من تطوير الجزر والمنطقة الشمالية على تغيير وجه الكويت السياحي وإبرازها على خريطة الوجهات السياحية المفضلة في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.

ووفقا لبيانات المركز الاحصائي الخليجي، فقد بلغ عدد السياح الخليجيين للدول الخليجية 12.6 مليون سائح يمثلون 28% من مجموع السياح الخليجيين للخارج عام 2019. كما أن العدد منخفض بشكل ملحوظ عما كان عليه عام 2015، حيث كان يبلغ 16.7 مليون سائح خليجي. وتتصدر البحرين 3.7 مليون سائح خليجي، ثم السعودية 3.6 مليون سائح خليجي، ثم الإمارات 3.3 مليون سائح خليجي ثم عمان 1.7 مليون سائح خليجي ثم قطر 232 ألف سائح خليجي والكويت 68 ألف سائح خليجي.

ويتبين من الأرقام أعلاه، أن هناك آفاق رحبة لتطوير وتعزيز السياحة الخليجية البينية. لذلك، فأن المطلوب المبادرة إلى إطلاق استراتيجية سياحية خليجية مشتركة لتشجيع وتنمية السياحة البينية، من خلال تسهيل التنقل بين دول مجلس التعاون الخليجي، وإقرار مقترح قانون (نظام) استرشادي للسياحة بدول المجلس، وإنشاء منصة عن السياحة البينية بين دول مجلس التعاون، ومقترح التأشيرة السياحية الخليجية، ومقترح لجنة السياحية العامة التعاون في مجال المواصـلات، والسماح للناقلات الوطنية بالبيع المباشر لتذاكر السفر من دون الحاجة إلى وكيل عام أو كفيل محلي في دول المجلس، وتكثيف الرحلات الجوية بين المدن الرئيسية بدول المجلس مع خفض قيمة تذاكر السفر.

كما أن هناك حاجة ماسة الى تأسيس شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع قيام شركات متخصصة تعمل على تطوير المشروعات السياحية الخليجية داخل مدن المجلس، وتبسيط إجراءات وتراخيص وأنظمة الاستثمار السياحي وتذليل العقبات للمستثمر الخليجي والأجنبي من خلال نافذة واحدة، وإنشاء مركز يحتوي على معلومات شاملة لفرص الاستثمار السياحي في دول المجلس. كذلك أهمية الإسراع في إصدار التأشيرة السياحية الموحدة بين دول المجلس مما سيكون له الأثر الكبير في تشجيع وتنمية السياحة البينية.

كذلك العمل على أنشاء مجلس للسياحة الخليجية تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي ويعنى بالتنمية السياحية في دول المجلس بشراكة القطاعين العام والخاص. وانشاء شركات خليجية مساهمة أو قابضة تعنى بتنمية وتطوير المشروعات السياحية الخليجية داخل مدن المجلس، وتتخذ من أولوياتها أنشاء شركات متخصصة بتنظيم الرحلات وتسويق البرامج السياحية الخليجية. كذلك أنشاء شركات مساهمة للنقل البري والبحري، علاوة على التسريع في إنشاء سكك حديدية تربط مدن مجلس التعاون الخليجي دعما للسياحة البينية. كذلك إنشاء بنك خليجي لتمويل المشاريع السياحية الخليجي او البدء في إنشاء صندوق تمويل خليجي من قبل البنوك المعنية في المنطقة تمهيدا لتأسيس هذا البنك.

أعد اتحاد الغرف الخليجية تقريرا يوصي بإيجاد آلية بين القطاعين العام والخاص للرصد والمتابعة على مستوى كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي. ويوضح أهم مصادر التأثير الاقتصادي العالمي على القطاع الخاص الخليجي في ظل أزمة كورونا.

اتحاد الغرف الخليجية -17مايو 2020: خلص تقرير أعدته الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي حول "تداعيات تفشي وباء كورونا على انشطة القطاع الخاص الخليجي" أن الحكومات الخليجية بادرت إلى اتخاذ حزمة من إجراءات الدعم المالي والاقتصادي الفاعلة والتي واكبت في أهدافها ونطاقها كافة الحزم الاحتوائية والانقادية التي أعلنت عنها دول العالم، وخاصة الدول المتقدمة، مما أسهم بشكل فاعل في حماية الاقتصاد، والعمالة وانشطة القطاع الخاص، ولاسيما أصحاب المهن والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تداعيات تفشي الوباء إلى حد كبير خلال الفترة الراهنة.

ولفت التقرير إلى أن تفشي وباء كورونا له انعكاسات تختلف عن التداعيات التي تنجم عادة عن الأزمات المالية والاقتصادية التي شهدها العالم خلال العقود الماضية، وكان آخرها الأزمة العالمية عام 2008م، من حيث اتساع رقعت تأثيرها وطبيعة هذا التأثير وطول أمده مما يتوجب معه عدم اكتفاء الحكومات في العالم، بما في ذلك الحكومات الخليجية، بما تم اتخاذه حتى الآن. لذلك، قد يستدعي الأمر التدخل بمزيد من التدابير التي تفرضها طبيعة التداعيات الخاصة من جراء الوباء. كما أن الإجراءات المتخذة في الوقت الحاضر قد تتطلب المراجعة والتحديث والتطوير في كل مرحلة من مراحل الوباء.

لذلك، فقد أوصى التقرير بإيجاد آلية منسقة بين القطاعين العام والخاص للرصد والمتابعة على كل من مستوى كل دولة خليجية وعلى مستوى مجلس التعاون الخليجي ككل تنصب أهدافها على العمل و مراجعة كافة الإجراءات والخطوات المتخذة لدعم منشآت القطاع الخاص بصورة مستمرة والتقدم بالتوصيات اللازمة للعمل على تحديثها وتطويرها وفقا لمراحل انتشار الفايروس وتداعياته. كذلك وضع المقترحات لمرحلة الخروج من مرحلة مكافحة الفايروس إلى مرحلة الانعاش لمنشآت القطاع الخاص وما هي الإجراءات المطلوبة وفقا لنوع النشاط وحجم المنشأة.

وقد تناولت مقدمة التقرير تداعيات فايروس كورونا على الاقتصاد العالمي، حيث من المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي انكماشا حادا بواقع -3% في عام 2020م، وهو أسوأ بكثير مما ترتب على الأزمة المالية العالمية في 2008م – 2009م. وفي أحد السيناريوهات الأساسية، الذي يفترض انحسار الجائحة في النصف الثاني من عام 2020م وإمكانية تخفيف جهود الاحتواء بالتدريج، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل 5,8% في 2021م مع عودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته، بمساعدة الدعم المقدم من متخذي السياسات الاقتصادية.

كما كرس التقرير فصل خاص لدراسة تداعيات تفشي وباء كورونا على الاقتصاديات الخليجية، حيث تبين آخر التقديرات الدولية إلى تعرض دول مجلس التعاون، كغيرها من بلدان العالم، إلى اضطراب اقتصادي كبير من خلال صدمات العرض والطلب المتزامنة. ومما فاقم من الآثار السلبية هو هبوط أسعار النفط بأكثر من 60% خاصة بعد عدم اتفاق اوبك بلس على تخفيض الإنتاج في بداية الأزمة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون الأثر الاقتصادي لتفشي وباء كورونا بالغا على اقتصاديات دول التعاون، حيث ستشهد انكماشا بنسبة 2.7% في العام 2020م. كما سوف تتعرض دول التعاون لصدمة مزدوجة تتمثل في انخفاض الطلب العالمي على النفط وانخفاض أسعاره، حيث يتوقع الصندوق تراجع الصادرات النفطية بأكثر من 250 مليار دولار في أنحاء المنطقة. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تتحول أرصدة المالية العامة إلى السالب، متجاوزة 10% من إجمالي الناتج المحلي في معظم البلدان.

في المرحلة القادمة، وبعد الانحسار التدريجي للوباء، ينبغي أن يتمثل الهدف المنشود في وضع الاقتصاد الخليجي على مسار تحقيق النمو المستدام: وسيتطلب هذا استعادة الثقة، عن طريق توفير دعم واسع النطاق على مستوى المالية العامة والسياسة النقدية حيثما توافر الحيز اللازم. كما لا ينبغي إلغاء هذا الدعم إلا إذا كان الاقتصاد ماضيا بالفعل على مسار التعافي. ويدعم قدرة دول التعاون في تطبيق خطط انعاشية شاملة بعد انحسار وباء كورونا امتلاكها احتياطيات مالية تقدر بنحو تريليوني دولار.

ثم انتقل التقرير لتحليل تداعيات تفشي مرض كورونا على القطاع الخاص الخليجي، حيث تناول في البداية أهم مؤشرات دور القطاع الخاص في التنمية على صعيد الناتج المحلي الاجمالي والانفاق القومي والصادرات السلعية والتوظيف، حيث يتضح أن الاقتصاد الخليجي وخاصة خلال السنوات الماضية بعد تراجع أسعار النفط بات يعتمد بصورة متزايدة على القطاعات غير النفطية كمحرك للنمو، حيث يبلغ متوسط مساهمتها في الناتج الإجمالي نحو 73.6% عام 2018م، وهي تعكس نجاح خطط الحكومات الخليجية في برامج التنويع الاقتصادي والمشاركة المتزايدة للقطاع الخاص في التنمية. وما قبل أزمة كورونا، كان القطاع الخاص الخليجي يسعى للعب دور أكبر في المرحلة المقبلة في ظل التوجهات الحالية للحكومات الخليجية الرامية إلى تفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ البرامج التنموية والاقتصادية استنادا إلى رؤى التنمية الطويلة الأجل التي تنفذها.

ثم تناول التقرير بالتحليل مصادر التأثير الاقتصادي العالمية على القطاع الخاص الخليجي في ظل أزمة كورونا، واهمها أسعار النفط وتراجع النشاط الاقتصادي العالمي والتجارة العالمية وحجم العلاقة مع الصين و بيئة الاستثمار وفرص الأعمال والبورصات العالمية وسلسلة إمدادات السلع والخدمات وأسعار الفائدة والدولار الأمريكي، حيث اتضح من عرض هذه العوامل أن مصادر التأثير العالمية على انشطة القطاع الخاص الخليجي ترتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد الخليجي ككل، الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على الإيرادات النفطية، وتجارته مع العالم، وخاصة الصين، وكذلك ارتباط عملاته بالدولار الأمريكي وبسعر الفائدة الأمريكية، مما يولد عليه نفس الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد الخليجي ككل.

كما عرض التقرير بصورة مفصلة المبادرات التي اتخذتها الحكومات الخليجية لدعم الاقتصاديات الخليجية والعمالة، وانشطة القطاع الخاص، ولا سيما الأنشطة الأكثر تضررا، مشيدة بشمولية هذه المبادرات ومساهماتها الفاعلة في حماية القطاع الخاص بصورة كبيرة من تداعيات تفشي وباء كورونا، وتوفير حماية كبيرة للعمالة، ومكنت القطاع الخاص من مواصلة تقديم خدماته الأساسية، وهو بدوره ساهم في استدامة حماية المجتمع من تداعيات تفشي الوباء.

وقد كرس التقرير جانب كبير منه لتحليل تداعيات تفشي وباء كورونا على أنشطة القطاع الخاص، حيث تناول كل على حدة 15 قطاع ونشاط هي الصناعة والاستيراد والتصدير والبنوك والمؤسسات المالية والبورصات الخليجية والسفر والسياحة والمؤتمرات والفنادق والغذاء والخدمات اللوجستية والعقار والتطوير العقاري والتوظيف والعمالة الوافدة والتجارة الالكترونية وتجارة التجزئة وقطاع الخدمات والرعاية الصحية وقطاع التعليم الخاص وصناعة الترفيه المنزلي، حيث خرج التقرير بنتائج أولية أن معظم أنشطة القطاع الخاص تأثرت سلبا بتفشي هذا الوباء، وهذه مسألة طبيعية، وذلك بسبب توقف عجلة الإنتاج والخدمات على مختلف أنواعها بسبب إجراءات الحظر الاجتماعي والاقتصادي، حيث اعطيت الأولوية للحفاظ على أرواح البشر. لكن من اللافت أيضا أن تفشي الوباء خلق أنماط مختلفة من السلوك الاستهلاكي لدى الفرد، كما حفز الطلب على خدمات معينة واكبت نمط الاستهلاك ونمط حياة التباعد الاجتماعي، مما جعل بعض الأنشطة تستفيد من الأزمة مثل التجارة الالكترونية والتسوق عبر البوابات الالكترونية وتجارة الأغذية والتعليم عن بعد وتقديم الخدمات الصحية عن بعد وكذلك صناعات المعقمات والرعاية الصحية والأدوية وصناعة الترفيه العائلي.

ونوه التقرير إلى أن القطاع الخاص الخليجي بات يواجه في الوقت الراهن تحديات غير مسبوقة في تاريخه ويجب التصدي لها ومعالجتها بدرجة عالية من المسئولية والشمولية وبما يحافظ على محورية دوره في الاستدامة الاقتصادية، وأن أي ضرر يلحق بهذا الدور سيولد أضرار كثيرة للاقتصاد الخليجي ككل. لذلك لا بد من متابعة دراسة تداعيات تفشي وباء كورونا على القطاع الخاص الخليجي خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن الأزمة لا تزال مستمرة، وابعاد التداعيات لا تزال قيد التبلور وبحاجة إلى تكاتف كافة جهود الجهات الرسمية مع القطاع الخاص من أجل العمل سوية لوضع الحلول المناسبة لمواجهتها، وإعادة الاقتصاد إلى مساره السليم.

About Us

Enjoy the power of entrepreneurs' platform offering comprehensive economic information on the Arab world and Switzerland, with databases on various economic issues, mainly Swiss-Arab trade statistics, a platform linking international entrepreneurs and decision makers. Become member and be part of international entrepreneurs' network, where business and pleasure meet.

 

 

Contact Us

Please contact us : 

Cogestra Laser SA

144, route du Mandement 

1242 Satigny - Geneva

Switzerland

We use cookies on our website. Some of them are essential for the operation of the site, while others help us to improve this site and the user experience (tracking cookies). You can decide for yourself whether you want to allow cookies or not. Please note that if you reject them, you may not be able to use all the functionalities of the site.