fbpx

تمويل الشركات الناشئة في الشرق وشمال إفريقيا في 2022 يتجاوز الـ3.5 مليار دولار..لكن ماذا عن عام 2023؟ Featured

نجحت الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من جمع مبالغ تمويل غير مسبوقة في عام 2022، إذ بلغت مجموع الاستثمارات التي حصلت عليها أكثر من 3.550 مليار دولار امريكي، لتزيح بذلك جميع التوقعات السلبية التي كانت ترى بركود الاقتصاد العالمي عاملاً سلبياً من شأنه إضعاف إمكانية استمرار نمو تمويل الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

نستعرض في هذا المقال تطورات تمويل الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2022. ما هي أكثر الدول التي نجحت فيها الشركات الناشئة في الحصول على تمويل، وفي أي قطاع تركزت صفقات تمويل الشركات الناشئة، وما هي الاتجاهات المتوقعة للشركات الناشئة في عام 2023.

توزيع تمويل الشركات الناشئة بحسب الدول

حققت الشركات الناشئة نمواً في إجمالي حجم التمويل وصل لنحو 32% على أساس سنوياً، وإلى أكثر من 442% مقارنةً بعام 2020، حيث يمكن القول إن إجمالي التمويل الذي حصدته الشركات الناشئة في المنطقة هو الأعلى على الأطلاق.

على الرغم من أن تمويل الشركات الناشئة في عام 2022 قد تركز أيضاً في الشركات الناشئة التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، إلا أن هذا العام قد شهد انخفاضاً نسبياً بحصة الشركات الناشئة الإماراتية حيث تراجعت حصتهها من 52% في عام 2021 لتصبح حصتها 48% من إجمالي تمويل الشركات الناشئة في المنطقة، أي أنها انخفضت بمقدار 4%.

جاء انخفاض حصة الشركات الناشئة الإماراتية من إجمالي التمويل، لحساب ارتفاع حصة الشركات الناشئة السعودية والمصرية، حيث ارتفعت حصة الشركات الناشئة السعودية من 24% في عام 2021 إلى 25% في عام 2022، وبنفس النسبة ارتفعت حصة الشركات الناشئة المصرية التي بلغت حصتها في عام 2022 نحو 16%.  

وبهذه الصورة تكون نسبة تركز تمويل الشركات الناشئة في الدول الثلاث؛ الإمارات والسعودية ومصر، تصل لأكثر من 89%، ومقارنةً بعام 2021، فإن نسبة تركز التمويل الشركات الناشئة الإمارات والسعودية والمصرية قد انخفضت بنحو 2%.

ومن الملفت في توزيع تمويل الشركات الناشئة في عام 2022 هو حصة الشركات الناشئة الجزائرية والتي بلغت أكثر من 4.2%، وهي المرة الأولى التي تحصل فيها الشركات الناشئة الجزائرية على حصة مرتفعة كهذه، حيث لم تتجاوز حصتها في عام 2021 الـ1%.

إلا أن ارتفاع حصة الشركات الناشئة الجزائرية من إجمالي التمويل لا يشكل تحولاً في بيئة أعمال الشركات الناشئة الجزائرية لا من حيث عدد الصفقات أو حجم التمويل، بل هي استثناءً جاءت به صفقة تطبيق "Yassir" متعدد الاستخدامات في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2022 حيث نجح التطبيق في الحصول على تمويل قدره 150 مليون دولار في جولة تمويل من السلسلة "ب". علماً بأنها صفقة التمويل الوحيدة المسجلة للشركات الناشئة الجزائرية في عام 2022. 

بخلاف الشركات الناشئة الجزائرية، فإن الشركات الناشئة البحرينية لديها محركات نمو متعددة سواء من حيث عدد الصفقات وحجم التمويل، إذ تسعى المنامة لمنافسة الرياض ودبي في التحول إلى مركز للشركات الناشئة في المنطقة..وقد حصلت الشركات الناشئة البحرينية في عام 2022 على أكثر من 124 مليون دولاراً، وهو ما يمثل نمواً بنحو 134% مقارنةً بعام 2021، كما ارتفعت حصتها من إجمالي التمويل من 2% إلى أكثر من 3.5% للفترة نفسها. خلف الشركات الناشئة البحرينية، جاءت الشركات الناشئة الأردنية والكويتية، التي حصلت كل منها مجتمعه على نحو 24 مليون دولار في عام 2022.

توزيع صفقات الشركات الناشئة بحسب الدول

نمت عدد صفقات الشركات الناشئة في عام 2022 بنسبة 9.4% على أساس سنوي، حيث وصل عدد الصفقات لحاولي 614 صفقة. أما توزيعها بحسب الدول، فلم يظهر اختلافاً كبير عن عام 2021، حيث بلغت حصت الشركات الناشئة الإماراتية نحو 27% من إجمالي عدد صفقات الشركات الناشئة، تليها الشركات الناشئة المصرية بحوالي 23% ومن ثم الشركات الناشئة السعودية بحوالي 21%.

كما تختلف أيضاً نسبة توزيع الصفقات للشركات الناشئة في الدول الأخرى، إذ حظيت الشركات الناشئة التونسية بحوالي 4%، والاردنية بذات النسبة..أما اللافت في توزيع صفقات الشركات الناشئة لعام 2022، هو حصة الشركات الناشئة اللبنانية والتي وصلت لأكثر من 3.2%..ويمكن تفسير هذه النسبة المرتفعة بأن جزءاً كبيراً من صفقات تمويل الشركات الناشئة اللبنانية مصدرها منح وهبات بمبالغ صغيرة، إذ لا يتجاوز إجمالي ما حصلت عليها الشركات الناشئة اللبنانية في عام 2022 أكثر من 2.5 مليون دولار، أي أن متوسط حجم الصفقة الواحدة لا يتخطى الـ132 ألف دولار.

توزيع تمويل الشركات الناشئة بحسب القطاعات

حصدت الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا المالية على مركز الصدارة في توزيع تمويل الشركات الناشئة للمرة الأولى على الإطلاق..فعلى الرغم من نمو عدد الشركات التكنولوجيا المالية الناشئة وارتفاع حجم تمويلها منذ ثلاث سنوات، فإنها المرة الأولى التي تصل فيها حصة شركات التكنولوجيا المالية إلى أكثر من 35% من إجمالي تمويل الشركات الناشئة، بارتفاع نسبي عن حصتها في عام 2021 يصل لأكثر من 14%.

جاءت شركات التكنولوجيا النظيفة الناشئة بالمرتبة الثانية بحصة بلغت 12.3% من إجمالي التمويل، وهي أيضاً المرة الأولى التي تحصل فيها الشركات الناشئة التي تنشط بهذا القطاع على نسبة مرتفعة، إذ لم تتجاوز حصتها في عام 2021 أكثر من 1%.

مقابل هذا الارتفاع انخفضت حصة شركات تكنولوجيا الطعام من 26% في عام 2021 إلى نحو 7.5% في عام 2022.

مع تشبع سوق التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن حصة الشركات الناشئة الناشطة في هذا القطاع، والتي لطالما نالت موقع الصدارة والاهتمام، أخذت بالتراجع في السنوات الماضية، وهو ما اتضح بصورة غير مسبوقة في عام 2022، إذ لم تتجاوز حصة تمويل الشركات الناشئة الناشطة في التجارة الإلكترونية من إجمالي إجمالي التمويل  أكثر من 6.5%، بنسبة انخفاض عن عام 2021 تصل لنحو 59%، وهي أقل نسبة تحظى بها شركات التجارة الإلكترونية الناشئة منذ ظهورها قبل نحو عقدين. وإلى جانب تراجع قطاع التجارة الإلكترونية، نجد أيضاً تراجعاً في قطاعات تقليدية أخرى، أهمها قطاع التنقل واللوجستيات.

بالمقابل برزت في عام 2022 شركات ناشئة تنشط في قطاعات لم تكن تحظى بعد باهتمام كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ أهمها قطاعات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس والبلوكتشين، والتي حصلت على إجمالي تمويل بلغ 17 و10 و9.8 مليون دولار على التوالي.

توزيع صفقات الشركات الناشئة بحسب القطاعات

لم تستحوذ شركات التكنولوجيا المالية الناشئة على حصة الأسد من إجمالي التمويل في عام 2022 فحسب، بل أيضاً استحوذت على النسبة الأكبر في عدد صفقات التمويل حيث بلغت حصتها أكثر من 20% من إجمالي صفقات التمويل. خلف قطاع التكنولوجيا المالية جاء قطاع تكنولوجيا الطعام بنحو 9% من إجمالي الصفقات تمويل الشركات الناشئة يليه قطاع الرعاية الصحية بنحو 8%، ومن ثم قطاعات اللوجستيات والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا النظيفة بواقع 6% من إجمالي عدد الصفقات لكل قطاع.

اتجاهات الشركات الناشئة في عام 2023

ارخت أزمة الحرب الروسية في أوكرانيا بظلالها على الاقتصاد العالمي الذي بالكاد كان قد بدأ يلتقط أنفاسه بعد خروجه من الأزمات الاقتصادية التي تسبب بها وباء كوفيد- 19، وبالأزمة الأوكرانية زادت تعقيدات الاقتصاد العالمي، فسادت حالة عدم اليقين واخذت الاستثمارات بالانكماش وحل التضخم على الاقتصاد العالمي تاركاً أثاراً سلبية عميقة في معظم اقتصاديات الدول النامية، التي لم تكن الدول العربية من الناجين منها، فيعاني اليوم الاقتصاد اللبناني والمصري، إلى جانب العديد من اقتصاديات العربية من أزمة ركود تضخمي حادة.

وإذا كانت انعكاسات الازمة الاقتصادية العالمية لم تظهر على نمو شركات الناشئة في المنطقة العربية في عام 2022، فهذا يعود من كون الازمة الأوكرانية قد بدأت وتطورت خلال عام 2022، وكانت بحاجة إلى المزيد من الوقت لتظهر انعكاساتها على الأسواق الكبرى ولاحقاً أسواق المنطقة العربية، وهو ما ظهر بوضوح خلال النصف الثاني من عام 2022 مع الارتفاع الشديد في معدلات التضخم في معظم اقتصاديات المنطقة سيما في مصر.

ستكون للأزمة الاقتصادية التي تعيشها دول المنطقة تأثيراً سلبي في بيئة أعمال الشركات الناشئة في عام 2023، فالارتفاع الكبير في اسعار الفائدة عالمياً سيجعل من خيار تمويل الشركات الناشئة بالنسبة للمستثمرين أقل جاذبيةً، سيما وأن الحكومات في المنطقة قد استجابة لضغوطات رفع الفائدة التي نفذها البنك الفيدرالي الأمريكي، حيث اتبعت الحكومة المصرية سياسات انكماشية فرفعت اسعار الفائدة حتى وصلت في شهر يناير/ كانون الثاني 2023 إلى 16.25%، كما اصدرت مرات عديدة سندات سيادية بفوائدة مرتفعة وصلت في اصدارها الاخير في شهر يناير/كانون الثاني إلى 25%، وهذا ما سيؤدي إلى اضعاف رغبة المستثمرين في ضخ الاموال في الشركات الناشئة.

مع ذلك لا يمكن اغفال خصوصية أسواق الشركات الناشئة في المنطقة العربية، فمن الصحيح أنها جزء من السوق العالمي وستتأثر كغيرها من الشركات الناشئة في العالم بالأزمة الاقتصادية، وان عدداً من الاقتصاديات العربية يعني من ازمات خانقة، لكن بيئة أعمال الشركات الناشئة في المنطقة تتمتع بخصوصية تميزها عن غيرها، تتمثل هذه الميزة بأن جزء من تمويل الشركات الناشئة في المنطقة مصدره الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وهذه الصناديق، وبحكم انها صناديق حكومية، فإنها أقل تأثراً بالأزمة العالمية، وبالتالي ما زال لديها قدره واسعة على تمويل الشركات الناشئة.

من جهة ثانية، تعد دول مجلس التعاون الخليجي من أقل المتأثرين سلباً من الأزمة الاقتصادية العالمية، بل إن دول مجلس التعاون قد حققت مكاسب من ارتفاع أسعار الطاقة بفعل انخفاض واردات الغازوالنفط الروسيين في الاسواق، كما أن القوى الشرائية للمستهلك الخليجي لم تتأثر بنفس المستويات التي تأثرت بها الأسواق العربية الأخرى بحكم أن عملات دول مجلس التعاون ظلت مستقرة بفضل الملاءة المالية لدول مجلس التعاون.

وعلى اعتبار أن تمويل وصفقات الشركات الناشئة يتركزان في دول مجلس التعاون الخليجي، وبصورة خاصة في الإمارات والسعودية، فإنه سيكون من المستعبد أن تحدث تأثيرات سلبية كبيرة في بيئة أعمال الشركات الناشئة لجهة الرعاية التي تحظى بها من قبل الحكومات الخليجية أو لجهة صفقات التمويل، إذ ما زالت دول مجلس التعاون مستمرة في سعيها لتوفير بيئة جاذبة للشركات الناشئة، يضاف إلى ذلك عودت قطر كلاعب اقتصادي مؤثر في بيئة أعمال الشركات الناشئة في عام 2023 وذلك بعد الانفراجات السياسية التي توجت باستضافة قطر لنهائيات بطولة كأس العام 2022. 

بصورة عامةً ستكون التأثيرات السلبية في أعمال الشركات الناشئة في المنطقة منقسمة بين دول مجلس التعاون الخليجي والأسواق الأخرى، وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فكما أشرنا سابقاً، فإنها ستكون محمية من التأثيرات السلبية العميقة، لكن بالنسبة للاقتصاديات الأخرى، وتحديداً الاقتصاد المصري، فستكون الاثار السلبية على الشركات الناشئة المصرية أكثر حدةً، فمن المتوقع أن تنخفض حصة الشركات الناشئة المصرية من إجمالي التمويل وعدد الصفقات.

Last modified on Wednesday, 18 January 2023 19:37
Rate this item
(0 votes)

Leave a comment

About Us

Enjoy the power of entrepreneurs' platform offering comprehensive economic information on the Arab world and Switzerland, with databases on various economic issues, mainly Swiss-Arab trade statistics, a platform linking international entrepreneurs and decision makers. Become member and be part of international entrepreneurs' network, where business and pleasure meet.

 

 

Contact Us

Please contact us : 

Cogestra Laser SA

144, route du Mandement 

1242 Satigny - Geneva

Switzerland

We use cookies on our website. Some of them are essential for the operation of the site, while others help us to improve this site and the user experience (tracking cookies). You can decide for yourself whether you want to allow cookies or not. Please note that if you reject them, you may not be able to use all the functionalities of the site.