خمسون عامًا من التعاون الاقتصادي: منتدى سويسرا - الإمارات يستكشف الفرص للخمسين سنة القادمة
26 Apr 2024بمناسبة مرور 50 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السويسري ودولة الإمارات العربية المتحدة تم تنظيم زيارة مطلع شهر اذار /مارس الماضي لوفد رفيع المستوى من الامارات العربية المتحدة الى العاصمة السويسرية برن برئاسة وزير التجارة الخارجية معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، حيث تم تنظيم عدة لقاءات مع مسؤولين سويسريين على رأسهم وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية هيلن بودليغر ارتيدا.
وقد ضم وفد الإمارات العربية المتحدة إلى جانب المسؤولين الحكوميين، كبار المسؤولين التنفيذيين من الشركات التي تمثل الصناعات ذات النمو المرتفع، مثل الخدمات المصرفية والمالية والطيران والتجارة والاستثمار والرعاية الصحية والتكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك ممثلين عن غرفة تجارة وصناعة أبوظبي وغرف دبي. وطيران الإمارات، وM42، وشركة الرعاية الصحية العالمية ومقرها أبوظبي، والاتحاد للتأمين الائتماني، وغرفة تجارة عجمان، وبنك أبوظبي الأول، وHub71، وغيرها.
وقد قام الوفد بزيارة شركات القطاع الخاص السويسرية الرائدة، بما في ذلك المقر الرئيسي لشركة الأدوية السويسرية نوفارتيس، حيث ناقشوا آفاق الشراكات خاصة مع مؤسسة الإمارات للأدوية التي تم إنشاؤها حديثا في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تضم سعادة الزيودي هو رئيس مجلس الإدارة. وشملت الجولات أيضاً شركة بيلاتوس السويسرية لصناعة الطائرات، التي تعمل على تطوير وإنتاج وبيع الطائرات في جميع أنحاء العالم، والتي تتعاون مع شركة ستراتا الإماراتية لتعزيز قدرات التصنيع المتقدمة في الدولة ودعم اقتصادها القائم على المعرفة.
كما تم تنظيم احتفالية بهذه المناسبة برعاية السفارة الاماراتية في برن شارك فيها، بالإضافة الى الوفد الاماراتي رفيع المستوى والمسؤولين السويسريين برئاسة وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية، عدد من ممثلي الشركات الرائدة والمستثمرين من كلا البلدين لاستكشاف فرص الاستثمار والشراكة ذات الإمكانات العالية.
افتتح اللقاء ميشيل لان (Michael Lane) رئيس مجلس الاعمال السويسري. تخلل اللقاء كلمات من قبل كل من وزير التجارة الخارجية الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي (Dr. Thani bin Ahmed Al Zeyoudi) ووزيرة الاقتصاد السويسري هيلن بودليغر ارتيدا (Helen Budliger Artieda) وسفيرة دولة الامارات العربية المتحدة الى الاتحاد السويسري ولشتنستاين (Dr. Hissa Abdulla Ahmed Al Otaiba).
تم خلال الاحتفالية استعراض الإنجازات على صعيد العلاقات الإماراتية السويسرية، كما مثل اللقاء فرصة لاستعراض الميزات التي يحظى فيها كل بلد للمستثمرين وأصحاب الاعمال والمشاريع.
وفي كلمته اثناء المنتدى اكد وزير التجارة الاماراتي الدكتور الزيودي على دور سويسرا كشريك تجاري واستثماري مهم لدولة الإمارات العربية المتحدة، وكونها الوجهة الأوروبية الرائدة للصادرات التجارية الاماراتية غير النفطية، التي تحظى بالمرتبة الرابعة عالمياً بقيمة 9.55 مليار دولار أمريكي في عام 2023. وافاد بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد تجاوز 22.3 مليار دولار أمريكي في عام 2023. وهو ما يمثل زيادة بنسبة 41.2 بالمائة عن عام 2022 وهو ما يؤكد درجة التآزر بين اقتصادي البلدين. واكد على أن سويسرا تشاطر دولة الامارات رؤيتها للنمو الاقتصادي المستدام طويل الأجل المبني على المعرفة والابتكار، والذي يوفر بدوره منصة لتعاون أعمق. ومن خلال الجمع بين القطاعين العام والخاص، واكد على أن المنتدى الاقتصادي الإماراتي السويسري هو أحد أفضل الطرق لتحديد واستكشاف هذه الفرص وبناء الاتصالات والشبكات التي ستدعم 50 عامًا أخرى من العلاقات الإيجابية بين الإمارات وسويسرا.
كما أشار إلى مجالات التعاون الإماراتي السويسري في العديد من المجالات كالوقود البديل وتمويل التجارة والتكنولوجيا الحيوية وأبحاث التكنولوجيا الطبية، وذلك سعيا لتحقيق تكامل اقتصادي أكبر. كما روج لمزايا المشهد التجاري الديناميكي في دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك لجلب الشركات السويسرية التي تسعى للتوسع في أسواق آسيا وإفريقيا، بما في ذلك موقعها الاستراتيجي والبنية التحتية والقدرات اللوجستية ذات المستوى العالمي. وتعد شركة ZENDATA السويسرية للأمن السيبراني إضافة حديثة إلى برنامج NextGen للاستثمار الأجنبي المباشر[1]، والذي يساعد الشركات المتطورة من جميع أنحاء العالم على تأسيس أو توسيع عملياتها في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي مداخلته شدد وزير التجارة على ان قطاع التجارة في دولة الامارات قد نمى ب 3% خلال السنوات الثلاث الماضية، مؤكدا على أن دولة الامارات تعتمد على ثلاثة اركان وهي التكنولوجيا والانسان والوصول الى الاسواق. فبخصوص التكنولوجيا فان الهدف من التكنولوجيا هو خدمة الانسان، موضحا أنه يتم التركيز على قطاعات الصحة والتعليم والنقل الجوي، اما بخصوص الركن الثاني، فقد اكد على أن دولة الامارات تعمل على جذب الكفاءات البشرية من خلال نظام الهجرة المعتمد حيث تستقطب الامارات العديد من رجال الأعمال وأصحاب الأموال. وبخصوص الركن الثالث تحرص دولة الامارات على وجود تنوع في الوصول الى الاسواق ولديها عدة اتفاقات تجارة حرة، حيث تم توقيع 14 اتفاقية تجارة حرة خلال السنوات العشر الماضية كما أن الامارات هي جزء من اتفاقية الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة، كما ان الامارات تدرك أهمية الاستثمار في الأسواق الناشئة في كل من اسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية. من جهة أخرى فان هناك تركيز على قطاع الخدمات باعتباره عنصرا أساسيا في اقتصاد المستقبل. وتعتبر دولة الامارات مركزا عالميا لإعادة التصدير وهي تشكل نقطة اتصال مع 400 مدينة عبر العالم. الامارات تعتبر كذلك واحدة من خمس مراكز خضراء للتجارة العالمية ويتم عبرها تجارة الرز (بسماتي) وتجارة الألماس من بين سلع اخرى.
وفي مداخلته اكد راشد البلوشي وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي على مزايا الاستثمار في الامارات حيث يصل حجم الناتج المحلي الاجمالي الى حوالي 500 مليار دولار. كما أن الامارات يتوفر لديها رؤية مستقبلية لاقتصاد يعتمد على المعرفة. ومن القطاعات التي تشهد ازدهارا ملحوظا قطاع الصناعة والصناعات الدوائية والقطاع المالي، كما يتم العمل على تطوير قطاعات الفضاء والتكنولوجيا الطبية والبيئة.
من جهة أشار طارق الهاشمي، الوكيل المساعد للتكنولوجيا المتقدمة بوزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الى مزايا الاستثمار في الامارات بالنظر ما يتمتع به اقتصادها من تنافسية حيث يعتبر الأول على مستوى المنطقة، وقد حظي القطاع الصناعي بنمو ملحوظ خلال السنوات الماضية حيث وصلت الصادرات الصناعية الى حوالي 47 مليار دولار ومن أهم الصناعات صناعات تكرير النفط (24% من أجمالي هذا القطاع)، والكيماويات وصناعات الصلب. ومن المميزات التي تشجع المستثمرين أسعار الطاقة المنافسة وتوفر الطاقة النظيفة والموقع الجغرافي المركزي، وتوفر الأراضي والبنية التحتية للاتصالات والمواصلات ومستوى الضرائب المنخفض هذا بالإضافة الى توافر الكفاءات البشرية والخدمات والحوافز المالية والبيئة السياسية المستقرة.
وفي كلمتها اثناء المنتدى اكدت وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية، هيلن بودليغر ارتيدا، على الفرص المتوفرة في سويسرا لمجتمع الأعمال، مشددة على ان سويسرا تتمتع بأحد اكثر الاقتصادات ازدهارا، حيث يعتبر الاستقرار من أهم العوامل التي تميز سويسرا كما أنها تتمتع ببيئة تنظيمية جيدة. وأضافت بان مسألة الشفافية والحيادية وإمكانية التنبؤ في البيئة من الأمور الهامة جدا التي تعطي قوة للاقتصاد السويسري. كما اشارت الى أن من المجالات الاقتصادية الهامة التي تنشط فيه سويسرا حقوق الملكية الفكرية والابتكار والتكنولوجيا. وأشارت الى أهمية اتفاقية الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة (EFTA) وهو ما يعطي بعدا دوليا للاقتصاد السويسري. وأفادت أن من المبادئ التي يرتكز عليها الاقتصاد السويسري الشراكة بين القطاعين العام والخاص حيث تتبع الحكومة سياسة تتيح مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات، ولهذا فان السياسة التعليمية تتبع للمعاهد الفنية وليس لوزارة التعليم، وتحظى سويسرا ببيئة متعددة الثقافات واللغات، كما تتمتع سويسرا بجامعات ومعاهد علمية وتستثمر الحكومة السويسرية في الأبحاث الأساسية، كما أنها توفر الدعم للشركات الصاعدة من خلال الحاضنات ومسرعات الأعمال. كما تتمتع سويسرا بواحد من أفضل الأنظمة على مستوى العالم للتعليم والتدريب المزدوج. وتشير الإحصاءات الى ان واحدا من اصل ثلاثة من الطلبة يتابع التعليم الجامعي، حيث يتوجه الأغلبية الى نظام التدريب المهني. وتنفق سويسرا ما نسبته 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم.
من جهة أخرى تم التأكيد على الدور الذي تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تنشط الشركات السويسرية على المستوى الدولي نظرا لصغر السوق المحلي. كما يتوفر لكبرى الشركات العالمية فروعا في سويسرا نظرا للبيئة التنافسية التي توفرها. ويتوفر في سويسرا مؤسسة دعم الصادرات (Switzerland global entreprise) التي تعمل على مساعدة الشركات السويسرية للتوسع في الأسواق الخارجية.
وقد شددت وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية على الشراكة القوية التي تجمع بين سويسرا ودولة الامارات حيث تعتبر الامارات شريكا أساسيا لسويسرا في المنطقة.
في نهاية المنتدى تم عقد ندوة بمشاركة عدد من الخبراء من كلا الجانبين ومشاركة الشركات السويسرية والاماراتية، تم خلالها التأكيد على ضرورة الاستفادة من الخبرات المتوفرة لكى الجانبين فيما يتعلق بأفضل الممارسات من أجل تسهيل المهمة للشركات الراغبة في الدخول في الأسواق الجديدة، وتم التطرق الى النموذج الاقتصادي لهونج كونغ، حيث استفادت من موقعها لتصبح مركزا للتجارة الدولية. كما تم التطرق الى الافاق المستقبلية للتعاون خاصة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي والبحث والتطوير.
وفي الختام تم التأكيد على أهمية الشراكة العابرة للحدود، وهو ما يتجسد بعلاقات ثنائية قوية وطويلة بين سويسرا والامارات العربية المتحدة بما يعود بالفائدة على البلدين.
[1] برنامج NEXTGEN FDI هو مبادرة وطنية أطلقتها وزارة الاقتصاد وتهدف المبادرة إلى جذب الشركات الرقمية من مختلف أنحاء العالم وتزويدهم بالأساسيات اللازمة لدخول السوق والتوسع من داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.
المؤتمر العالمي الثالث عشر لغرف التجارة في جنيف: نداء للعولمة المسؤولة والابتكار من أجل مستقبل مستدام
12 Jul 2023اختتم مؤخرًا المؤتمر العالمي الثالث عشر لغرف التجارة (13th WCG) في باليكسبو في جنيف، حيث جمع هذا الحدث ما يقرب من 1500 مشارك من 117 دولة و165 متحدثًا في الفترة من 21 إلى 23 يونيو 2023 تحت عنوان "التعددية في خدمة السلام والازدهار".
نظمت هذه الفعالية من قبل الغرفة التجارية الدولية (ICC) والاتحاد العالمي لغرف التجارة (WCF) بالاشتراك مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات في جنيف (CCIG) بهدف تعزيز الشراكات وفرص الأعمال على المستوى العالمي. ينظم هذا الحدث مرة كل سنتين، حيث يعد فرصة لقادة ومحترفي غرف التجارة لتبادل الأفكار ومشاركة الممارسات الجيدة وتوسيع شبكاتهم.
شارك في هذا المؤتمر متحدثون مشهورون أمثال نغوزي أوكونجو إيويالا (Ngozi Okonjo-Iweala)، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية (WTO)، وأنطونيو غوتيريش (António Guterres)، الأمين العام للأمم المتحدة، وكلاوس شواب (Klaus Schwa)، مؤسس ومدير المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث انصبت مشاركتهم على رؤيتهم بشأن التنوع وتأثيره على النمو ودور الابتكار وأهمية الاستدامة للمستقبل.
وقال فنسان سوبيليا (Vincent Subilia)، المدير العام لغرفة التجارة والصناعة والخدمات في جنيف: "جعل المؤتمر روح جنيف تتألق كعاصمة للتعددية من أجل السلام والازدهار. وقد تم تكريس هذا النهج من خلال اعتماد "ميثاق جنيف". كما يعتبر المؤتمر العالمي، الذي يعد الأكبر الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة والخدمات في جنيف في تاريخها الممتد لـ 158 عامًا، نبضًا حيًا لاقتصاد جنيف مع تحقيق أثار اقتصادية هامة."
ثلاثة أيام مكثفة من المناقشات حول التعددية والشمولية والابتكار
في بداية اليوم المخصص لموضوع "ازالة الغموض عن التعددية"، دعت نغوزي أوكونجو إيويالا (Ngozi Okonjo-Iweala)، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، إلى إعادة النظر في العولمة لجعلها مفيدة للجميع وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية. حيث قالت: "يجب أن نقاوم الضغوط التي تدعو إلى تفتيت الاقتصاد العالمي، فهذا سيكون مكلفًا ومن الممكن أن يضعف مرونة سلسلة التوريد". وأضافت: "المسار الأفضل لنا هو ما نسميه إعادة التعددية: أسواق أعمق ومنتشرة، يتم تحقيقها عن طريق إدماج المزيد من الأفراد والأماكن المهمشة اقتصاديا على المستوى العالمي لإيصالها إلى الجمهور". وحثت رجال الأعمال على دعم "العولمة الإلكترونية".
في هذا السياق، تناغمت تصريحات فيليب فاران، رئيس اللجنة الوطنية لغرفة التجارة الدولية في فرنسا، مع تصريحات المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، حيث أكد على أهمية التعددية في تعزيز الابتكار التكنولوجي اللازم لمواجهة التحديات الكبرى مثل التغير المناخي وصولا الى تحسين رفاهية جميع سكان العالم.
في حين تم تكريس اليوم الثاني لموضوع "الابتكار للجميع"، حيث تم ابراز أهمية الابتكار المستمر للشركات، وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، فيما كانت الاستدامة في صلب مناقشات اليوم الثالث. وتم التشديد على مخاطر السمعة المتعلقة بجرائم البيئة في سلسلة التوريد، وتم حث الشركات على أخذ التدابير اللازمة للحيلولة دون وقوع هذه التجاوزات.
التعددية من أجل الازدهار في القرن الحادي والعشرين
تحتل التعددية في عصرنا أهمية خاصة أكثر من أي وقت مضى، وفقًا لتاتيانا فالوفايا (Tatiana Valovaya)، المديرة العامة لمكتب الأمم المتحدة في جنيف. وقد أشارت إلى ضرورة مراعاة مزيد من أصوات الدول الأعضاء والمجموعات المهمشة لضمان شمولية أكبر. واتفق المتحدثون على أن القطاع الخاص يجب أن يلعب دورًا رئيسيًا في وضع قواعد الحوكمة العالمية، خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل 90٪ من التجارة العالمية. ولتعزيز النمو العالمي فان من الضروري ربط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بفوائد التجارة الدولية. وقد أشار محمد علي راشد لوتاه، رئيس غرفة دبي، بإن هناك عقبات تحول دون ذلك، مثل غياب نظام موحد للتصدير وتباين المعلومات وارتفاع رسوم الاستيراد، واعتبر بان التحول الرقمي أحد الحلول الممكنة.
التحول الرقمي هو المفتاح لنجاح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السوق العالمية
خلال الجلسة "تسهيل التجارة: إقامة شراكات للنمو العالمي" التي ترأستها باربارا راموس (Barbara Ramos)، رئيسة قسم البحوث واستراتيجيات التصدير في المركز الدولي للتجارة (ITC)، أكد المتحدثون أرانتشا غونزاليس (Arancha González)، عميدة مدرسة باريس للشؤون الدولية (PISA)، ومحمد علي راشد لوتاه (Mohammad Ali Rashed Lootah)، رئيس غرفة دبي، وإريك لويب (Eric Loeb)، النائب التنفيذي لشركة سيلزفورس (Salesforce)، على فوائد التجارة الرقمية: فهي تحقق تبادل أسرع وأقل تكلفة وشفافية ووصول متاح للجميع. ويكتسب هذا أهمية خاصة في الأسواق الناشئة حيث غالبًا ما تضيع الفرص الاقتصادية بسبب الاعتماد على أنظمة ورقية. يمكن أن يكون التحول الرقمي عاملاً مُساعدًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث يمكنها الوصول إلى نفس المنصات التي تستخدمها الشركات الكبيرة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا حاسمًا في مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى المعلومات والخبرات. وقد لفتت أرانتشا غونزاليس (Arancha González) الانتباه الى أن تجزئة الفضاء الرقمي ونقص المهارات التكنولوجية يمكن أن يطرحا تحديات أخرى. كما أن من الضروري تعزيز مشاركة البيانات و التشغيل المشترك لها " Interoperability".
ان تطبيق التجارة الرقمية يتطلب بشكل متزايد اعتماد معايير عالمية للتسليم القانوني للوثائق الرقمية، على سبيل المثال من خلال اعتماد نموذج قانوني للوثائق القابلة للتحويل الإلكتروني. تعمل دول مجموعة العشرين بنشاط على الإصلاحات التنظيمية اللازمة وتلتزم بالاتفاقات التجارية التي تعزز التحول الرقمي. وقد أشار المتحدثون الى أنه في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن أهمية التجارة الرقمية فهي لا تمثل حاليًا سوى 1% فقط من التجارة العالمية، مؤكدين على أن التحول الرقمي سيكون لا مفر منه في المستقبل القريب.
حماية فعالة للملكية الفكرية للجميع
كانت حماية القيمة المتحصلة من الإنجازات المبتكرة في صميم الجلسة التي حملت عنوان "الابتكار للجميع وللجميع". إن وصول المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى المعرفة والشروط اللازمة لحماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها بعيد كل البعد عن المستوى الأمثل. ولهذا فان العواقب المالية لعدم حماية حقوق الملكية الفكرية، بالنسبة لهذه الشركات، يمكن أن تكون مصيرية. وقد تناول الاقتصادي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، بيوتر ستريسزوفسكي (Piotr Stryszowski)، موضوع التزييف حيث أكد: "بالنسبة للشركات الكبيرة، يعني هذا دخلاً أقل، وربحًا أقل. أما بالنسبة للشركات المتناهية في الصغر والصغيرة والمتوسطة، فإن هذا يعني وجود مخاطر كبيرة للإفلاس".
وفقًا لكريستينا واينيكا (Christina Wainikka)، الخبيرة في اتحاد الأعمال السويدي، فإن الغالبية العظمى من الشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة لا تسعى إلى تسجيل ملكيتها الفكرية، "تقع المسؤولية ومن نواحٍ عديدة على أولئك الذين يُفترض بهم تسهيل هذه العملية. لأننا غالبًا ما نتحدث عن حقوق الملكية الفكرية بمصطلحات مجردة للغاية بدلاً من تقديمها باعتبار النتائج العملية المترتبة عليها: فهي فرصة بيع؛ وفرصة لتحقيق قيمة إضافية ملموسة ".
وتكتسي حماية الملكية الفكرية أهمية خاصة في السياق الأفريقي. حيث ازدادت طلبات التسجيل هناك بنسبة 10٪ في السنوات الأخيرة، مما يعكس الوعي المتزايد بالقيمة الاقتصادية للملكية الفكرية ودورها في تعزيز الابتكار والنمو الاقتصادي في القارة. واعتبرت رائدة الأعمال التكنولوجية الكاميرونية ريبيكا إينونشونغ (Rebecca Enonchong) أن البلدان النامية ُنظر إليها على أنها متلقية للابتكار أكثر من كونها موردة للابتكار. "ومن الواضح أن هذا ليس صحيحًا. يتعلق الأمر بتسخير المواهب الموجودة والحفاظ على إنجازاتها. وهذا يعني، أكثر من أي شيء آخر، تطوير السياسات والآليات لحماية المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة أمام المنافسة مع الشركات الكبرى. لأن الواقع الحالي هو أن الشركات الصغرى ينتهي بها الأمر إلى التراجع أمام هذه الشركات".
كما دعى دارين تانغ (Daren Tang)، المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) إلى "نظام إيكولوجي أكثر شمولاً للملكية الفكرية، لا سيما للنساء والشباب والشركات الناشئة والشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، التي تمثل 90٪ من الشركات وتوفر 70٪ من الوظائف في العالم". تلعب الغرف التجارية أيضًا دورًا حاسمًا في زيادة الوعي وتدريب الشركات الصغيرة والمتوسطة على الحماية الفعالة لحقوقها، ودعمها بالوصول إلى الموارد والمشورة المتخصصة.
دور القطاع الخاص في اعتماد أفضل الممارسات
اتفق المتحدثون على أن القطاع الخاص يجب أن يلعب دورًا رئيسيًا في تبني أفضل الممارسات وتشكيل قواعد الحوكمة العالمية. قالت باميلا كوك هاميلتون (Pamela Coke-Hamilton)، المديرة التنفيذية لمركز التجارة العالمية، إنه مع وجود الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم (MSMEs) المسؤولة عن 90٪ من التجارة العالمية، فان من المهم زيادة دورها في تحديد السياسات الاقتصادية.
كان يُنظر إلى مسؤولية الشركات في سلسلة التوريد على أنها فرصة لتعزيز الرخاء العالمي من خلال دمج الممارسات المسؤولة. تم تسليط الضوء على الشفافية وإمكانية التتبع واستخدام تقنية سلاسل الكتل (البلوكتشين) (blockchain) لضمان سلاسل توريد مستدامة.
إنجازات بارزة استحقت جوائز عديدة، وفرصة للتألق لتركيا
تم تكريم الإنجازات البارزة التي حققتها غرف التجارة حول العالم بأربع جوائز. حيث فازت غرفة التجارة في أوكلاند بجائزة "أفضل مشروع شراكة" عن مشروعها الذي يركز على الصحة العقلية ورفاهية أصحاب الأعمال، وحصلت غرفة تجارة الإسكندرية من مصر على جائزة "أفضل مشروع غير تقليدي" عن مشروعها المبتكر باستخدام الطاقة الشمسية مما أدى لخلق فرص عمل مع تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
من جهة أخرى، فازت تركيا بالجائزتين الأخريين: حيث فازت غرفة تجارة أنقرة بجائزة "أفضل مشروع ابتكار نموذجي" عن مشروعها الابداعي لتقديم خدمات تتكيف مع احتياجات الأعضاء، وحصلت غرفة تجارة غازي عنتاب على "أفضل مشروع للمساواة بين الجنسين" عن مشروعها لتعزيز استقلالية رائدات الأعمال. تشهد هذه النجاحات على ديناميكية تركيا وتؤكد الدور الأساسي للغرف التجارية التركية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
الجدير بالذكر أن غرف التجارة من الغرفة الاقتصادية الاتحادية النمساوية (النمسا) كانت من بين المرشحين النهائيين في فئة "أفضل مشروع ابتكار نموذجي" عن مشروعها "النهج التجاري لمكافحة الفساد"، غرف دبي (الإمارات العربية المتحدة)، عن مشروعها شهادة المنشأ الذكي وغرفة نيوساوث ويلث (Business NSW) (أستراليا) لمشروعها المتعلق بمركز الخدمات الخاص بإدارة الازمات في زمن الفيضانات (Business NSW Critical Response Business Hub).
حفل ختام سويسري للغاية
خلال حفل ختام المؤتمر، تحدثت هيلين بودليجر أرتييدا (Helene Budliger Artieda)، وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية (SECO) في الاتحاد السويسري، أمام جمهور مصغي. كان خطابها الهام يهدف إلى إظهار التزام الحكومة السويسرية بالقطاع الخاص، وبالتالي الاعتراف بدوره الأساسي في الازدهار الاقتصادي للبلاد.
مجموعة متنوعة من العارضين قدمت قاعة معارض الخاصة بالمؤتمر منصة لاكتشاف أحدث الابتكارات، وإنشاء علاقات تجارية، وتبادل المعرفة وأفضل الممارسات مع المشاركين من جميع أنحاء العالم، حيث كان من بين المشاركين:
كما شاركت مؤسسة ام اس سي (MSC) رؤيتها الفريدة لاستعادة التوازن الحرج بين البشر والطبيعة من خلال مبادرات مستقلة غير هادفة للربح. |
تخلل الحفل الختامي عرض لمغنية سويسرية، باربرا كلوسنر (Barbara Klossner)، حيث أشعلت الحضور من خلال أداء أغانٍ باللغة السويسرية الألمانية، بما في ذلك الأغنية السويسرية التقليدية الشهيرة المسماة "يودل" (yodel). حيث دعت الجمهور للانضمام إليها لأداء رقصة تقليدية، مما خلق جوا وديا وحيويا.
توصيات لمستقبل أفضل وأكثر ازدهارًا للجميع
كان المؤتمر فرصة لصياغة توصيات تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي، وتعزيز الوصول العادل إلى الفرص الاقتصادية، ومكافحة التفاوتات، وتعزيز التحول الرقمي، وتشجيع الابتكار المسؤول. من خلال التوقيع على "بيان جنيف" (Manifeste de Genève)، تعهد منظمو المؤتمر بمضاعفة جهودهم لإحداث فرق في الاقتصاد الحقيقي لصالح الإدماج الاقتصادي والتعاون العالمي والتنمية المستدامة.
تسلط هذه التوصيات الضوء على أهمية الابتكار لضمان مستقبل مستدام. وتم التركيز على أهمية الاستثمار في البحث والتطوير وتعزيز التفكير المستقبلي نظرا للأهمية الخاصة له. كما تم تسليط الضوء على استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة لإيجاد حلول مبتكرة في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع الغذاء، مع مراعاة العواقب البيئية والاجتماعية طويلة الأجل. واقترح تعزيز دور الابتكار من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص والقيام بحملات توعوية. أخيرا كان التركيز على أهمية الاستثمار في الوصول الى الحلول المستدامة وتبني ثقافة الابتكار، بما يضمن من الوصول الى مستقبل أفضل وأكثر ازدهارًا للجميع.
ملبورن ستكون الملتقى القادم في غضون عامين
بعد شكر جميع المشاركين، سلم مدير غرفة تجارة وصناعة جنيف الراية رسميًا إلى مدير غفة تجارة ملبورن حيث سيعقد المؤتمر العالمي الرابع عشر لغرف التجارة العالمية في أستراليا في سبتمبر 2025، حيث سيواصل المؤتمر جهوده للجمع بين القادة الاقتصاديين واللاعبين في جميع أنحاء العالم لتعزيز التعاون الدولي والابتكار الاقتصادي.
نجحت سويسرا للمرة الثانية على التوالي في حصد لقب أكثر الدول ابتكاراً وفقاً لتقرير الابتكار الأوروبي، المفوضية الأوروبية لعام 2022، حيث حققت في مؤشر الأداء نسبة 142.4% من متوسط الاتحاد الأوروبي، متفوقةً بذلك على جميع دول الاتحاد الأوروبي و12 دولة أخرى شملها التقرير، التي يأتي من بينها دول رائد في الابتكار لعل أبرزها اليابان والولايات المتحدة.
معايير الأداء في الابتكار
يستند تقرير المفوضية الأوروبية للابتكار على أربعة أنواع رئيسية من الأنشطة، تشمل 12 بعداً، هي: الظروف البنيوية (الموارد البشرية، والبحث العلمي، والرقمنة)، والاستثمارات (الدعم المالي، واستثمارات الشركات، واستخدام تكنولوجيا المعلومات)، وأنشطة الابتكار (الابتكار، والروابط، ولأصول الفكرية)، والتأثير (الوظائف، الصادرات، البيئة المستدامة). تشمل الأنواع الأربعة المذكورة أعلاه بأبعادها الـ12 على 32 مؤشراً في المجموع. بناء على تقييم تلك المؤشرات تصنف الدول المشمولة بالتقرير إلى مجموعات وفقاً لأدائها، وهي: المبتكرون الناشئون والمعتدلون والقويون والرائدون. وبطبيعة الأحوال جاءت سويسرا من ضمن مجموعة المبتكرين الرائدين.
أبرز المؤشرات على قوة الابتكار السويسري
سجلت سويسرا أعلى أداء لها في ستة مؤشرات، هي: عدد الخريجين الجدد من حملة شهادات الدكتوراه، وطلاب الدكتوراه الأجانب، والمنشورات العلمية الدولية المشتركة، والمنشورات المشتركة بين القطاعين العام والخاص، وصادرات المنتجات ذات التقنية المتوسطة والعالية، وإنتاجية الموارد.
إلى جانب التفوق في هذه المؤشرات، سجلت سويسرا تحسناً في مؤشرات زيادة نفقات رأس المال الاستثماري، وصادرات السلع ذات التقنية العالمية والمتوسطة، وذلك مقارنة بعام 2015. ومقارنةً بالفترة نفسها، حققت سويسرا تحسناً في الأداء العام بمقدار 4.0 نقاط مئوية، وهو أقل من متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 9.9٪، فيما سجلت تحسناً بمقدار 1.7 نقطة مئوية مقارنةً بعام 2021، وهو أعلى من متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 0.6٪. كما سجلت تحسناً مقارنة بالعام السابق في كل من مؤشرات: صادرات البضائع المتوسطة والعالية التقنية، وصادرات الخدمات كثيفة المعرفة، والدعم الحكومي للبحث والتطوير التجاري.
على الرغم من التوفق السويسري في الابتكار، والمؤشرات القوية التي تفوقت فيها على جميع الدول، إلا أنه يوجد بعض المؤشرات التي تشير إلى انخفاض نسبي مقارنةً بعام 2015، أهمها: بيع المنتجات المبتكر، ومبتكرو المنتجات، والتقنيات المتعلقة بالبيئة. اما نقاط الضعف النسبي الحالية، فهي: الدعم الحكومي للبحث والتطوير التجاري، وصادرات الخدمات كثيفة المعرفة، وانتشار النطاق العريض، والشركات الصغيرة والمتوسطة المبتكرة التي تتعاون مع الآخرين.
المصدر: EUROPEAN INNOVATION SCOREBOARD 2022 يمكن تحميل التقرير كاملاً بالضغط على الرابط هنا.
بعد تراجعها للمركز الرابع في العام الفائت عادت سويسرا لتحصد لقب أفضل دولة في العالم في عام 2022 متفوقة على ألمانيا الولايات المتحدة، وكندا التي احتلت المركز الأول في قائمة أفضل دول العالم لعام 2021.
يصدر هذا التصنيف عن مؤسسة US News & World Report بالشراكة مع كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، حيث يشارك في هذا المشروع سنوياً أكثر من 17000 شخص من حول العالم خلال الفترة ما بين الثلاثين من أبريل/نيسان والثالث عشر من يوليو/تموز، ويعتمد التنصيف على 73 بنداً، موزعة على 10 مؤشرات رئيسية تشمل كافة نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، فمن بين هذه المؤشرات: مستوى الانفتاح الاقتصادي، وريادة الأعمال، وكفاءة الحكومة، والتأثير الثقافي، والمساهمة الإنسانية من خلال إرثها الثقافي، ومستويات النمو والتقدم، وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية.
جاء تفوق سويسرا هذا العام كأفضل دولة في العالم، بفضل تصدرها في عدد من المؤشرات أهمها: الانفتاح الاقتصادي؛ إذ احتلت سويسرا في هذا المؤشر المركز الأول، فيما جاءت في المركز السابع في مؤشر ريادة الأعمال، وفي المركز الرابع في مؤشر جودة الحياة.
لم يكن عام 2022 هو المرة الأولى التي تحصل فيها سويسرا على لقب أفضل دولة في العالم، بل سبق وأن كانت سويسرا متصدرة لهذا المركز خلال أربع أعوام متتالية، وذلك بين عامي 2017 و2020.
عربياً احتلت الإمارات العربية المتحدة المركز الأول، والمركز الـ21 عالمياً، وجاءت السعودية في المركز الثاني عربياً، وفي المركز الـ34 عالمياً، فيما حلت كل من مصر والمغرب، في المرتبة الثالثة والرابعة على المستوى العربي، والمرتبة الـ35 و43 على التوالي عالمياً.
وبالعودة إلى التصنيف العالمي، جاءت كل من المانيا وكندا في المرتبة الثانية والثالثة على التوالي، أما المراكز العشرة الأولى اللاحقة فجاءت، كالآتي:
المرتبة الأولى سويسرا
المانيا
كندا
الولايات المتحدة
السويد
اليابان
استراليا
المملكة المتحدة
فرنسا
الدنمارك
للمزيد من المعلومات عن مؤشر US News & World Report يمكن الضغط على الرابط هنا.