fbpx

هل ننتظر حصول أزمة لكي نبتكر؟ Featured

 

في مقال نشر في مجلة "ميجرو ماغازين" "Migros Magazine "، وهي تصدر عن اكبر سلسلة محلات لتوزيع الأغذية في سويسرا،  قال المار موك، وهو احد المؤسسين لمجموعة سواتش ومؤسس وكالة الابتكارات "كريهوليك" "Creaholic" في مدينة بيين، وهو يعطي إجابات حول البيئة الاقتصادية في سويسرا خاصة لماذا ان سويسرا تشكل أرضا خصبة للإبداع ولكن ليس للشركات الناشئة (start-up)، وهو يقدم توقعا متشائما لقطاع الساعات إذا ما فشلت هذه الصناعة في مواكبة التطورات الأخيرة المتسارعة التي تخطوها صناعة الساعات نحو الساعة الذكية المتصلة بالإنترنت.

 

في سويسرا ليس لدينا نفط ولكن لدينا أفكار. وفقا لمؤشر المنظمة العالمية للملكية الفكرية، نحن أبطال العالم في الابتكار للعام السادس على التوالي! ما الذي نريد أكثر من ذلك؟

حسنا، يجب الحذر بخصوص هذه المؤشرات، لان اغلب الاختراعات السويسرية تنصب في العلوم الحياتية والأدوية وهي تحوز على نصيب الاسد. ولكن لا يزال اللغز قائما بالفعل وهو كيف أن هذا البلد الصغير الذي لا تتوفر فيه الموارد وصل الى القمة من حيث البيئة الخاصة بالابتكار؟ في الواقع، هناك الكثير من الجنود المجهولين الذين ساهموا في هذه التطور بدءا من الشركات الصغيرة التي تقدم خدمات فريدة من نوعها والتي نجدها في سويسرا دون غيرها.

 

 لماذا؟

لأنه لا يمكن أن نكون مبتكرين للغاية في عالم مضطرب وغير مستقر. للانفتاح والإبداع هناك حاجة حيوية لبناء الثقة في الجيران  والمواطنين.

 

حققت سويسرا نجاحا يعزى الفضل فيه الى تاريخها والى الهيكل السياسي والاجتماعي، لتكون بذلك رائدة في البطؤ والانفتاح على الإبداع في نفس الوقت.

 

المشكلة هي أن الكثير من هذه الابتكارات لا ترى النور حيث انها لا تتجاوز مرحلة معينة – كما اشرت اليه في كتابك* – لا تتعدى مرحلة اليرقة أو الشرنقة.

وفقا لدراسات مختلفة، في معظم المؤسسات الصناعية، هناك فكرة واحدة من اصل خمسين تعرف النجاح. ومن الطبيعي على سبيل المثال أن يكون هناك تلقيح أكثر من الولادات. ولكن تتميز سويسرا بأن متوسط تكوين الشركات والمنتجات أعلى من جيرانها.

 

ولكن اللافت للانتباه هو انه ليس لدينا المدراء الأكثر جرأة والمغامرة في العالم.

يتوفر لدى الكائنات الحية غريزتين للبقاء: واحدة فورية كالحاجة للغذاء والطعام والصيد والحماية والتجارة وتحقيق الربح، وارضاء العملاء...الخ. وأخرى للمدى البعيد تتعلق بالحفاظ على النوع من خلال إنجاب الأطفال ونعني بهذا الابتكار. المشكلة التي يواجهها المدراء الحاليون هو انه يتم الدفع بهم نحو تغليب غريزة البقاء الفورية: أي ضرورة أن يكون الغد استمرارا لليوم، وهو أمر ضروري بالطبع. ولكن إذا اقتصرنا على هذا الهدف على المدى الطويل سنموت بالتأكيد...

 

ما الذي تقترحه انت باعتبارك احد رواد الابتكار؟
نحن نعتقد أننا نعيش في عالم أبوي ولكن في الحقيقة فان الشركات تعمل بنظام أمومي. فهي تتصرف كالأمهات التي لا تود إنجاب طفل كل يوم. على عكس المبدعين - الآباء -  الذين يحبون أنجاب الاطفال باستمرار. وهذا هو السبب وراء عدم التوافق بين أرباب العمل والمبدعين. وفي الواقع، يتوجب تقديم تضحيات لانجاب الأطفال. ويتوجب على الأم أن تقبل فقدان مؤقت للرشاقة والمرونة والكفاءة التي ينطوي عليها الحمل. فليس من السهل أن تكون بطلا للقفز بالزانة في حين أنها حامل في شهرها الثامن.

 

وبالتالي، للحفاظ على فرصها لكي تبقى في صدارة العالم، تلجأ بعض الشركات لتبني شركة ناشئة؟

ان الشركات الناشئة هي كالأطفال الذين يولدون في المختبر، خارج الرحم. الهدف الرئيسي هو أن يتم تبنيها. إنه نموذج رائع اخترع من قبل الأمريكيين، ولكن لا يغوي سويسرا الا قليلا. ولكن لماذا؟ لأن هناك عدم تبني لهذه الفكرة في السوق السويسري. في الولايات المتحدة، يوجد اثنين أو ثلاثة من الأسواق التي تتبنى شركات: التكنولوجيات الجديدة وعلوم الحياة والامور الطبية.  نفس الشيء يقال بالنسبة لأوروبا. في المقابل، فان المزيد من الشركات التقليدية مثل شركات السيارات والبناء وصناعة الساعات الميكانيكية لا تتبنى شركات ناشئة بسهولة.

 

إذن، هل يوجد النموذج السويسري بالفعل؟

نعم، انه نموذج الطائر، كآلة الحرب، يمتلك القدرة على التقاط الحشرات اثناء الطيران، ولكنه يعلم أنه ليس من الجيد أن يطير برفقة بيوضه. انه الطائر الذي يبحث عن عش في مكان مستقر، سواءا في منزله أو في الخارج باستخدام حاضنة الابتكار وتعتبر وكالة الابتكارات "كريهوليك" "Creaholic" احدى الأمثلة على ذلك. في الواقع، انه نموذج يفصل تماما بين نشاط الصيد وإنجاب الأطفال، أي انه يسير جنبا الى جنب في الانتاج للحاضر مع العمل على ابتكار افكار لمشروعات للمستقبل.

 

ولكن ذكرت في كتابك ايضا نموذج الضفدع ...

الضفادع لديها مشكلة وهي انها تشكل طعاما للفرنسيين والصينيين والثعابين وحتى الطيور والثعالب... ومن هنا لكي تبقى على قيد الحياة فهي تضع الف بيضة على أمل أن ينجو اثنان أو ثلاثة منها. هذا هو النموذج المستخدم لإطلاق تطبيقات الإنترنت. في الصناعة كما هو الحال في الطبيعة يوجد هناك أشكال مختلفة للحياة. هذا لا يعني أن نموذج ما هو بطبيعته أفضل من غيره. ولكن من خلال التجربة اعرف أن سويسرا توفر بيئة لبناء الاعشاش.

 

هل لديك أمثلة تعشيش ناجحة؟

نعم، نسبرسو (Nespresso) تمثل فكرة ولدت في العش. وهي نجمت عن ارادة من قبل إدارة نستله التي اوجدت الفكرة ووفرت لها الدعم أمام العواصف والامواج المتلاطمة، بما في ذلك المعارضة الداخلية التي ارادت قتلها في مهدها. اذ كان من الواضح أن نسكافيه لم ترد أبدا لفكرة نسبرسو ان ترى النور. كذلك الامر كان بالنسبة لساعة "سووتش" (Swatch) التي لم تكن سوى ثمرة فكرة ابداعية فرخت في عش.

 

المهم في الابتكار هو أنه في نهاية المطاف هناك عدد أفكار أقل من أرباب العمل الذين هم على استعداد لتصور أن غدا سيكون مختلفا عن الأمس

 

انطلق ايرنست ثومكي " Ernst Thomke" في مغامرة لإنشاء ساعة "سواتش" دون خطة عمل أو بحوث السوق. في الواقع، كما يمكن ان يفهم من قراءة كتابك، فان قصة النجاح هذه ليست سوى جزء من فكرة ضبابية وتصميم مبهم...

يمكن تشبيه ايرنست ثومكي بستيف جوبز (Steve Jobs): ذكاء وسرعة ومثابرة. كان لديه رؤية واضحة... لكن المخيب للآمال أن ما هو شائع اليوم من يعتبر اليوم والد سواتش (اي نيكولا حايك)، لأنه لم يفعل شيئا لتطوير الفكرة الأولية. فالساعة التي بحوزتي اليوم (أي كان يرتدي في معصمه ساعة سواتش سوداء) لها نفس المكونات بالضبط التي كانت منذ ست وثلاثين عاما، فهي لم تتغير منذ ذلك الحين. إنه لأمر مدهش! أن مثل هذا النجاح يمكن أن يخفي الفشل الذريع. وأعتقد أن أزمة الساعات التي سوف نعيشها الآن تنبع من غياب هذا التطور.

 

يجب العلم انه كان يتوجب علينا أن نحتفظ بالأهداف الأصلية لدينا، رؤيتنا للصناعة، وعدم الاعتماد فقط على الرؤية المالية والصناعة التحويلية. وأخيرا، فإننا تركنا الآخرين يقومون بحيازة السوق.

 

هل تعني بذلك الساعات المتصلة بالإنترنت؟

العالم يتغير. الساعة هي مجرد أداة كالبندول تخبرنا كيف تسير الحياة وتتيح لنا إدارة جدول أعمالنا وفقا لجدول زمني محدد. فمن الآن فصاعدا، تحولنا الى عصر الاتصالات. سوف يمكننا ان نكون حيث نريد في أي وقت نريد. وهذا ممكن فقط إذا كنا متصلين، إنها مسألة بديهية.

على الرغم من ذلك سيبقى الطلب على الساعات الفاخرة، ولكنها ستمثل جزءا صغيرا من سوق الساعات.

 

أعتقد أنه خلال مدة خمس سنوات فان نصف الساعات سيكون متصلا بالإنترنت. هذه المنتجات سوف تلتهم سوق الساعات متوسطة النوعية، التي تمثل على الأقل 20 مليون قطعة، أي ما يعادل ثلثي انتاجنا الحالي.

 

عند الاستماع لحديثك ينتابنا شعور بأن قطاع الساعات يكرر نفس الخطأ الذي ارتكب في ثمانينيات القرن الماضي، عندما عانت صناعة ساعات الكوارتز من تراجع حاد في السوق.

نفس الخطأ بل أسوأ من ذلك! لان صانعي الساعات كانوا أفضل استعدادا للثورة الصناعية في ذلك الوقت مما هو عليه الحال اليوم. في ذلك الوقت، كان الصناعيون هم الذين يديرون صناعة الساعات وليس مدراء التسويق والمبيعات ورواة القصص (كما هو الحال الان)...

 

ولكن بكل الاحوال أرباب صناعة الساعات يتحركون على أي حال مع بعض التأخر. فهل فات الأوان؟

لم يفت الاوان بعد، لكنني لا أشعر أن هناك قناعة وهذا هو الأسوأ. لنأخذ مثلا جان كلود بيفر (مدير قسم الساعات لمجموعة (LVMH))، فقد قام بمبادرة مهزوزة مع خطوة إلى الوراء، حيث عرض ساعة متصلة بالإنترنت لكنه قال انه يمكن إضافة الحركة الميكانيكية خلال عامين في حال الضرورة... وهو ما يظهر عدم اقتناعه بما يقول. فالمشكلة لا تكمن في المعرفة أو الدراية، بل في الإرادة.

 

ولكن لعل الأزمة كما عرضتها سوف تدفعهم لرد الفعل، أليس كذلك؟

إذا لم يكن هناك طلاق لربما لا تجلب الرجال الزهور الى المنزل. ولكن هل علينا أن ننتظر رسالة من المحامي للقيام بهذه اللفتة، فهل ينبغي علينا أن ننتظر الازمة من اجل الابتكار، هل ينبغي أن تقع الكارثة لكي نتحرك؟.

 

*في الواقع اجريت المقابلة مع المؤلف (Elmar Mock) من قبل المجلة على خلفية كتابه بعنوان (La fabrique de l’innovation)

 

ترجمة من الفرنسية: نقلا عن مجلة "ميجرو ماغازين" "Migros Magazine "«Doit-on attendre d’être en crise pour innover?»، www.migrosmagazine.ch

Last modified on Tuesday, 10 January 2017 17:07
Rate this item
(0 votes)

1 comment

  • Tahlia
    Tahlia Saturday, 25 March 2017 06:27 Comment Link

    You're so awesome! I don't suppose I've read a single thing
    like that before. So wonderful to discover another person with some original thoughts on this subject.
    Seriously.. many thanks for starting this up. This web site is one thing
    that is required on the internet, someone with a bit of originality!

Leave a comment

About Us

Enjoy the power of entrepreneurs' platform offering comprehensive economic information on the Arab world and Switzerland, with databases on various economic issues, mainly Swiss-Arab trade statistics, a platform linking international entrepreneurs and decision makers. Become member and be part of international entrepreneurs' network, where business and pleasure meet.

 

 

Contact Us

Please contact us : 

Cogestra Laser SA

144, route du Mandement 

1242 Satigny - Geneva

Switzerland

We use cookies on our website. Some of them are essential for the operation of the site, while others help us to improve this site and the user experience (tracking cookies). You can decide for yourself whether you want to allow cookies or not. Please note that if you reject them, you may not be able to use all the functionalities of the site.